كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 1)

يكن له أن يحكيها على هذا الوجه بل كان عليه أن يعرض عنها لعدم الاعتداد بقائلها ، أو على الأقل أن يصرح باسمه . وإن كان يسمعها من أحد وإنما اختلق ذلك فأمره أسوأ ، وإن كان كنى بقوله : (( غيره )) عن نفسه كأنه أراد (( وقلت أنا )) فالأمر في هذا أخف ، وقد عرف تعصب الدولابي على نعيم ، فلا يقبل قوله فيه بلا حجة مع شذوذه عن أئمة الحديث الذين لا يكاد هو يذكر معهم .
وأما أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي فهو نفسه على يدي ! وترجمته في (تاريخ بغداد) و( الميزان ) و( اللسان ) تبين ذلك ، مع أنه إنما نقل كلام الدولابي وإن لم يصرح باسمه ، والدليل على ذلك توافق العبارتين ، أما عبارة الدولابي فقد مرت ، وأما عبارة الأزدي فقال : (( قالوا كان يضع الحديث في تقوية السنة وحكايات مزورة قي صلب أبي حنيفة كلها كذب )) .
أما كلام الأئمة فقال الإمام أحمد : (( لقد كان من الثقات )) وقال العجلي : : (( ثقة )) ، وقال أبو حاتم مع تشدده : (( صدوق )) وروى عنه البخاري في ( صحيحه ) كما مر وأخرج له بقية الستة إلا النسائي ، وصح عن ابن معين من أوجه أنه قال : (( ثقة )) وروى عنه ، وجاء عنه أنه مع ثنائه عليه لينه في الرواية ، وأتم ذلك رواية علي بن حسين بن حبان وفيها عن ابن معين (( نعيم بن حماد صدوق ثقة رجل صالح ، أنا أعرف الناس به ، كان رفيقي بالبصرة ... إلا أنه كان يتوهم الشيء فيخطئ فيه ، وأما هو فكان من أهل الصدق )) . وقال الحافظ أبو علي النيسابوري : سمعت النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في العلم والمعرفة والسنن ، ثم قيل له في قبول حديثه ؟ فقال ك قد كثر تفرده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة فصار في حد من لا يحتج به )) . وهذا يدل أن ما روي عن النسائي أنه قال مرة : (( ليس بثقة )) إنما أراد بها أنه ليس في أن يحتج به ، وهب أن النسائي شدد فكلام الأكثر أرجح ولا سيما ابن معين ، لكمال معرفته ولكونه رافق نعيماً وجالسه انتقدت عليه ثم قال : (( وعامة ما أنكر عليه هو الذي ذكرته وأرجو أن يكون باقي حديثه مستقيماً )) . وقال ابن حجر في ( التهذيب ) : (( أما نعيم فقد ثبتت عدالته وصدقه ولكن في حديثه أوهام معروفة وقد

الصفحة 495