كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 1)

أنه قد سبق منه بيان أنه إنما سمعه من فلان عن أبيه ، فيغتنم بعض الناس حكايته الثانية فيروي ذاك الحديث عنه عن أبيه لما فيه صورة العلو ، مع الاتكال على أن الناس قد سمعوا روايته الأولى وحفظوها . وفي مقدمة ( صحيح مسلم ) ما يصرح بأن هشاماً غير مدلس، وفيه أن غير المدلس قد يرسل وذكر لذلك أمثلة منها حديث رواه جماعة عن هشام (( أخبرني أخي عثمان بن عروة عن عروة )) . ورواه آخرون عن هشام عن أبيه ، ومع هذا فإنما اتفق لهشام مثل ذلك نادراً ، ولم يتفق إلا حيث يكون الذي بينه وبين أبيه ثقة لا شك فيه كأخيه عثمان ومحمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة . والله الموفق .
262-هشام بن محمد بن السائب الكلبي . من عادة الخطيب أن يذكر آخر ترجمة الرجل تاريخ وفاته ورؤيا رئيت له بعد موته وأبياتاً قيلي في رثائه حيث يتيسر ذلك ، فذكر في آخر ترجمة محمد بت الحسن تاريخ وفاته ، واتصل بذلك آبيات رثى بها ذكر ما روي أنه رئي في المنام فقال : (( قال لي إني لم أجعلك وعاء للعلم وأنا أريد أن أعذبك - قيل له فما فعل أبو يوسف ؟ قال : فوقي - قيل فما فعل أبو حنيفة ؟ قال : فوق آبي يوسف بطبقات )) . وربما اتفق أن يكون فيما يختم به الترجمة من الشعر غضاضة ما على صاحب الترجمة فيغتفرها الخطيب في سبيل تزيينه ( التاريخ ) كما فعل في ترجمة الأصمعي حيث ذكر البيتين المعروفين :
لعن الله أعظماً حملوها نحو دار البلى على خشبات
أعظماً تبغض النبي وأهل ال بيت والطيبين والطيبات
وهذا مع تبجيل الخطيب للأصمعي وأنه لا غرض له في ذمة ، فاتفق له ما هو دون هذا بكثير في ترجمة أبي يوسف ، ذكر ما روي عن معروف الكرخي أنه قال : (( رأيت كأني دخلت الجنة فإذا قصر قد بني وثم شرفه .... فقلت لمن هذا ؟ فقالوا : لأبي يوسف القاضي .... بتعليمه الناس الخير .... )) ثم ذكر تاريخ وفاته وذكر من طريق هشام ابن الكلبي أبياتاً ذكر أنها أنشدت على قبر أبي يوسف عقب وفاته أولها :
سقى جدثاً به يعقوب أمسى من الوسمي منبجس ركام (1)
__________
(1) كذا هو بخط المصنف رحمه الله تعالى ، والذي في (( التاريخ )) في المكان الذي أشار إليه ( 14 / 262 ) : (( ... أضحى رهيناً للبلى هزج ركام )) . وكذا هو في (( التأنيب )) ( ص 177 ) ، فالظاهر أن المؤلف كتب البيت من حفظه ، لا نقلا عن (( التاريخ )) ، ويؤيد ذلك أنه ليس فيه قول المؤلف : (( على قبر أبي يوسف عقب وفاته )) . ن .

الصفحة 504