كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 1)

يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَعْفَرٍ فِي السِّنِّ عَشْرُ سِنِينَ، وَأُمُّ هَانِئِ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ وَاسْمُهَا هِنْدٌ، وَجُمَانَةُ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، وَرَيْطَةُ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُمُّهُمْ جَمِيعًا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وَطُلَيْقُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُمُّهُ عَلَّةُ وَأَخُوهُ لِأُمِّهِ الْحُوَيْرِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَوَجَدَ عِنْدَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «يَا عَمِّ، §قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَقُولُ: «يَا عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» . وَيَقُولَانِ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ حَتَّى قَالَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: أَنَا عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ مَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ» فَاسْتَغْفَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113]
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو طَالِبٍ: يَا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ لَوْلَا رَهْبَةُ أَنْ تَقُولَ، قُرَيْشٌ دَهَرَنِي الْجَزَعُ فَيَكُونَ سُبَّةً -[123]- عَلَيْكَ وَعَلَى بَنِي أَبِيكَ لَفَعَلْتُ الَّذِي تَقُولُ وَأَقْرَرْتُ عَيْنَكَ بِهَا لِمَا أَرَى مِنْ شُكْرِكَ وَوَجْدِكَ بِي وَنَصِيحَتِكَ لِي، ثُمَّ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ دَعَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا سَمِعْتُمْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَمَا اتَّبَعْتُمْ أَمْرَهُ فَاتَّبِعُوهُ وَأَعِينُوهُ تَرْشُدُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «§أَتَأْمُرُهُمْ بِهَا وَتَدَعُهَا لِنَفْسِكَ؟» فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَمَا لَوْ أَنَّكَ سَأَلْتَنِي الْكَلِمَةَ وَأَنَا صَحِيحٌ لَتَابَعْتُكَ عَلَى الَّذِي تَقُولُ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُجَزَّعَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَتَرَى قُرَيْشٌ أَنِّي أَخَذْتُهَا جَزَعًا وَرَدَدْتُهَا فِي صِحَّتِي

الصفحة 122