كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 1)
رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَمَلَكَانِ يُظِلَّانِ عَلَيْهِ، فَأَرَتْهُ نِسَاءَهَا، فَعَجَبْنَ لِذَلِكَ، وَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَخَبَّرَهَا بِمَا رَبِحُوا فِي وَجْهِهِمْ، فَسُرَّتْ بِذَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ مَيْسَرَةُ عَلَيْهَا أَخْبَرَتْهُ بِمَا رَأَتْ، فَقَالَ مَيْسَرَةُ: قَدْ رَأَيْتُ هَذَا مُنْذُ خَرَجْنَا مِنَ الشَّامِ، وَأَخْبَرَهَا بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ نُسْطُورٌ، وَبِمَا قَالَ الْآخَرُ الَّذِي خَالَفَهُ فِي الْبَيْعِ، وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بِتِجَارَتِهَا فَرَبِحَتْ ضِعْفَ مَا كَانَتْ تَرْبَحُ، وَأَضْعَفَتْ لَهُ ضِعْفَ مَا سَمَّتْ لَهُ
§ذِكْرُ تَزْوِيجِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الْأَسْلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ، عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُمِّ سَعْدِ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ نَفِيسَةَ بِنْتِ مُنْيَةَ قَالَتْ: كَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ امْرَأَةً حَازِمَةً جَلْدَةً شَرِيفَةً مَعَ مَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَا مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْخَيْرِ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ أَوْسَطُ قُرَيْشٍ نَسَبًا وَأَعْظَمُهُمْ شَرَفًا وَأَكْثَرُهُمْ مَالًا، وَكُلُّ قَوْمِهَا كَانَ حَرِيصًا عَلَى نِكَاحِهَا لَوْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ قَدْ طَلَبُوهَا وَبَذَلُوا لَهَا الْأَمْوَالَ فَأَرْسَلَتْنِي دَسِيسًا إِلَى مُحَمَّدٍ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ فِي عِيرِهَا مِنَ الشَّامِ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزَوَّجَ؟ فَقَالَ: «§مَا بِيَدِي مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ» قُلْتُ: فَإِنْ كُفِيتَ ذَلِكَ، وَدُعِيتَ إِلَى الْجَمَالِ وَالْمَالِ وَالشَّرَفِ وَالْكَفَاءَةِ أَلَا تُجِيبُ؟ قَالَ: «فَمَنْ هِيَ؟» قُلْتُ: خَدِيجَةُ قَالَ: «وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ؟» قَالَتْ: قُلْتُ: عَلَيَّ، قَالَ: «فَأَنَا أَفْعَلُ» فَذَهَبْتُ، فَأَخْبَرْتُهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنِ ائْتِ لَسَاعَةِ كَذَا وَكَذَا، وَأَرْسَلَتْ إِلَى عَمِّهَا عَمْرِو بْنِ أَسَدٍ لِيُزَوِّجَهَا
الصفحة 131