كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 1)

، وَهَدَمَتْ مَعَهُ قُرَيْشٌ، ثُمَّ أَخَذُوا فِي بِنَائِهَا وَمَيَّزُوا الْبَيْتَ، وَأَقْرَعُوا عَلَيْهِ فَوَقَعَ لِعَبْدِ مَنَافٍ وَزُهْرَةَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إِلَى رُكْنِ الْحِجْرِ وَجْهُ الْبَيْتِ، وَوَقَعَ لِبَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَبَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ مَا بَيْنَ رُكْنِ الْحِجْرِ إِلَى رُكْنِ الْحِجْرِ الْآخَرِ، وَوَقَعَ لِتَيْمٍ وَمَخْزُومٍ مَا بَيْنَ رُكْنِ الْحِجْرِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، وَوَقَعَ لِسَهْمٍ وَجُمَحٍ وَعَدِيٍّ وَعَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ إِلَى الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ، فَبَنَوْا، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى حَيْثُ يُوضَعُ الرُّكْنُ مِنَ الْبَيْتِ، قَالَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ: نَحْنُ أَحَقُّ بِوَضْعِهِ، وَاخْتَلَفُوا حَتَّى خَافُوا الْقِتَالَ، ثُمَّ جَعَلُوا بَيْنَهُمْ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ فَيَكُونُ هُوَ الَّذِي يَضَعُهُ، وَقَالُوا: رَضِينَا وَسَلَّمْنَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: هَذَا الْأَمِينُ قَدْ رَضِينَا بِمَا قَضَى بَيْنَنَا، ثُمَّ أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم رِدَاءَهُ وَبَسَطَهُ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ وَضَعَ الرُّكْنَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: لِيَأْتِ مِنْ كُلِّ رُبُعٍ مِنْ أَرْبَاعِ قُرَيْشٍ رَجُلٌ، فَكَانَ فِي رُبُعِ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَكَانَ فِي الرُّبُعِ الثَّانِي أَبُو زَمْعَةَ، وَكَانَ فِي الرُّبُعِ الثَّالِثِ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ فِي الرُّبُعِ الرَّابِعِ قَيْسُ بْنُ عَدِيٍّ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «§لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِزَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الثَّوْبِ، ثُمَّ ارْفَعُوهُ جَمِيعًا» فَرَفَعُوهُ، ثُمَّ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بِيَدِهِ فِي مَوْضِعِهِ ذَلِكَ فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ لِيُنَاوِلَ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم حَجَرًا يَشُدُّ بِهِ الرُّكْنَ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: لَا، وَنَحَّاهُ وَنَاوَلَ الْعَبَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم حَجَرًا فَشَدَّ بِهِ الرُّكْنَ، فَغَضِبَ النَّجْدِيُّ حَيْثُ نُحِّيَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ لَيْسَ يَبْنِي مَعَنَا فِي الْبَيْتِ إِلَّا مِنَّا» قَالَ: فَقَالَ النَّجْدِيُّ: يَا عَجَبًا لِقَوْمٍ أَهْلِ شَرَفٍ وَعُقُولٍ وَسِنٍّ وَأَمْوَالٍ، عَمَدُوا إِلَى أَصْغَرِهِمْ سِنًّا وَأَقَلِّهِمْ مَالًا فَرَأَسُوهُ عَلَيْهِمْ فِي مَكْرُمَتِهِمْ وَحِرْزِهِمْ كَأَنَّهُمْ خَدَمٌ لَهُ، أَمَا وَاللَّهِ لَيَفُوتَنَّهُمْ سَبْقًا وَلَيَقْسِمُنَّ

الصفحة 146