كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 1)

§ذِكْرُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ صلّى الله عليه وسلم
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كَانَ §أَبُو إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ فَأَصَابَتْهُ سَنَةٌ فَأَتَى هَرْمَزَجْرَدَ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ وَاسْمُهَا نُونَا بِنْتُ كَرْنَبَا بْنِ كُوثَى مِنْ بَنِي أَرْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: «§اسْمُهَا ابيونا مِنْ وَلَدِ افرايم بْنِ ارغوا بْنِ فَالِغِ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ»
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: §نَهْرُ كُوثَى كَرَاهُ كرنَبَا جَدُّ إِبْرَاهِيمَ مِنْ قِبَلِ أُمَّهِ، وَكَانَ أَبُوهُ عَلَى أَصْنَامِ الْمَلِكِ نَمْرُوذَ، فَوُلِدَ إِبْرَاهِيمُ بِهُرْمُزْجِرْدَ، وَكَانُ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى كُوثَى مِنْ أَرْضِ بَابِلَ، فَلَمَّا بَلَغَ إِبْرَاهِيمُ وَخَالَفَ قَوْمَهُ وَدَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ، بَلَغَ ذَلِكَ الْمَلِكَ نُمْرُوذَ، فَحَبَسَهُ فِي السِّجْنِ سَبْعَ سِنِينَ، ثُمَّ بَنَى لَهُ الْحَيْرَ بِحَصًى وَأَوْقَدَهُ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ وَأَلْقَى إِبْرَاهِيمَ فِيهِ، فَقَالَ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَخَرَجَ مِنْهَا سَلِيمًا لَمْ يُكْلَمْ
قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: §لَمَّا هَرَبَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ كُوثَيْ وَخَرَجَ مِنَ النَّارِ وَلِسَانُهُ يَوْمَئِذٍ سُرْيَانِيٌّ فَلَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ مِنْ حَرَّانَ غَيَّرَ اللَّهُ لِسَانَهُ فَقِيلَ: عِبْرَانِيٌّ حَيْثُ عَبَرَ الْفُرَاتَ وَبَعَثَ نَمْرُوذُ فِي أَثَرِهِ وَقَالَ لَا تَدْعُوا أَحَدًا يَتَكَلَّمُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ إِلَّا جِئْتِمُونِي بِهِ فَلَقُوا إِبْرَاهِيمَ فَتَكَلَّمَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَتَرَكُوهُ وَلَمْ يَعْرِفُوا لُغَتَهُ
قَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: «§فَهَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بَابِلَ إِلَى الشَّأَمِ فَجَاءَتْهُ سَارَةُ فَوَهَبَتْ لَهُ نَفْسَهَا فَتَزَوَّجَهَا وَخَرَجَتْ مَعَهُ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فَأَتَى حَرَّانَ فَأَقَامَ بِهَا زَمَانًا ثُمَّ أَتَى الْأُرْدُنَّ فَأَقَامَ بِهَا زَمَانًا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مِصْرَ فَأَقَامَ بِهَا زَمَانًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الشَّأَمِ فَنَزَلَ السَّبْعَ أَرْضًا -[47]- بَيْنَ إِيلِيَا وَفِلَسْطِينَ فَاحْتَفَرَ بِئْرًا وَبَنَى مَسْجِدًا ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَلَدِ آذَوْهُ فَتَحَوَّلَ مِنْ عِنْدَهُمْ فَنَزَلَ مَنْزِلًا بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَإِيلِيَا فَاحْتَفَرَ بِهِ بِئْرًا وَأَقَامَ بِهِ وَكَانَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَدَمِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَضَافَ الضَّيْفَ وَأَوَّلُ مَنْ ثَرَدَ الثَّرِيدَ وَأَوَّلُ مَنْ رَأَى الشَّيْبَ»

الصفحة 46