كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 1)

رَزَّاحٌ: أَجِزْ قُصَيُّ، فَأَجَازَ النَّاسَ وَغَلَبَهُمْ عَلَى مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ تَزَلِ الْإِفَاضَةُ فِي وَلَدِ قُصَيٍّ إِلَى الْيَوْمِ، وَنَدِمَتْ خُزَاعَةُ وَبَنُو بَكْرٍ فَانْحَازُوا عَنْهُ، فَأَجْمَعَ قُصَيٌّ لِحَرْبِهِمْ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا بِالْأَبْطَحِ حَتَّى كَثُرَتِ الْقَتْلَى فِي الْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ تَدَاعَوْا إِلَى الصُّلْحِ، وَحَكَّمُوا بَيْنَهُمْ يَعْمُرَ بْنَ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ فَقَضَى بَيْنَهُمْ بِأَنَّ قُصَيَّ بْنَ كَلْبٍ أَوْلَى بِالْبَيْتِ وَأَمْرِ مَكَّةَ مِنْ خُزَاعَةَ، وَأَنَّ كُلَّ دَمٍ أَصَابَهُ قُصَيٌّ مِنْ خُزَاعَةَ وَبَنِي بَكْرٍ مَوْضُوعٌ يَشْدَخُهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَأَنَّ مَا أَصَابَتْ خُزَاعَةُ وَبَنُو بَكْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي كِنَانَةَ فَفِيهِ الدِّيَةُ، وَأَنْ يُخَلَّى بَيْنَ قُصَيٍّ وَبَيْنَ الْبَيْتِ وَأَمْرِ مَكَّةَ فَسُمِّيَ يَوْمَئِذٍ يَعْمَرَ الشَّدَّاخُ لِمَا شَدَخَ مِنَ الدِّمَاءِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، عَنْ عَمَّتِهِ، عَنْ أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ، عَنْ أَبِيهَا قَالَ: §لَمَّا فَرَغَ قُصَيٌّ وَنَفَى خُزَاعَةَ وَبَنِي بَكْرٍ عَنْ مَكَّةَ، تَجَمَّعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَسُمِّيَتْ يَوْمَئِذٍ قُرَيْشًا لِحَالِ تَجَمُّعِهَا، وَالتَّقَرُّشُ التَّجَمُّعُ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ أَمْرُ قُصَيٍّ، انْصَرَفَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ رَزَّاحُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعُذْرِيُّ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ إِخْوَتِهِ وَقَوْمِهِ وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَكَانَ رَزَّاحٌ وَحَنٌّ يُوَاصِلَانِ قُصَيًّا وَيُوَافِيَانِ الْمَوْسِمَ، فَيَنْزِلَانَ مَعَهُ فِي دَارِهِ وَيَرَيَانِ تَعْظِيمَ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ لَهُ، وَكَانَ يُكْرِمُهُمَا وَيَصِلُهُمَا وَتُكْرِمُهُمَا قُرَيْشٌ لِمَا أَبْلَيَاهُمْ وَأَوْلَيَاهُمْ مِنَ الْقِيَامِ مَعَ قُصَيٍّ فِي حَرْبِ خُزَاعَةَ وَبَكْرٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِنَّمَا §سُمُّوا قُرَيْشًا؛ لِأَنَّ بَنِي فِهْرٍ الثَّلَاثَةَ كَانَ اثْنَانِ مِنْهُمْ لِأُمٍّ، وَالْآخَرُ لِأُمٍّ أُخْرَى، فَافْتَرَقُوا، فَنَزَلُوا مَكَانًا مِنْ تَهَمَةِ مَكَّةَ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ بَنُو بَكْرٍ: لَقَدْ تَقَرَّشَ بَنُو جَنْدَلَةَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ نَزَلَ مِنْ مُضَرَ مَكَّةَ خُزَيْمَةُ بْنُ مُدْرِكَةَ وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ لِهُبَلَ الصَّنَمِ مَوْضِعَهُ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: صَنَمُ خُزَيْمَةَ فَلَمْ يَزَلْ بَنُوهُ بِمَكَّةَ حَتَّى وَرِثَ ذَلِكَ فِهْرُ بْنُ مَالِكٍ، فَخَرَجَتْ بَنُو أَسَدٍ وَمَنْ كَانَ مِنْ كِنَانَةَ بِهَا، فَنَزَلُوا مَنَازِلَهُمُ الْيَوْمَ

الصفحة 69