كتاب توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)
على فهم الآية، فإنَّ العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب، ولهذا كان أَصَحُّ قولي الفقهاء أَنَّه إذا لم يعرف ما نواه الحالف رجع إلى سبب يمينه وما هيجها وأثارها" (¬1).
مثال ذلك: قوله- تعالى-: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)} [آل عمران: 188].
فقد أشكل على مروان بن الحكم ابن أبي العاص (ت: 65 هـ) معنى هذه الآية حتى بَيَّن له ابن عباس معناها مقرونًا بسبب نزولها.
فعن ابن أبي مليكة أَنَّ علقمة ابن أبي وقاص أخبره أَنَّ مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أَنْ يحمد بما لم يعمل معذبًا لنعذبن أجمعون، فقال ابن عباس: ما لكم ولهذه؟ إنَّما دعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يهودَ، فسألهم عن شيء، فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم، ثم قرأ ابن عباس: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} كذلك حتى قوله: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: 188، 187] (¬2).
¬__________
(¬1) مقدمة في أصول التفسير 47.
(¬2) متفق عليه، فقد رواه البخاري (الفتح 8/ 233)، وهو برقم 4568، ومسلم 4/ 2143، وهو برقم 8/ 2778.