كتاب توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)

الكلي الملاقي للواقعة، وتفسيره، وتقرير الواقعة القضائية المؤثرة، وإثباتها، وتفسيرها، وطريقة تنزيل الحكم الكلي عليها، وهذا ما عُنِيَ به هذا البحث في الجانب القضائي، ويتبعه الجانب الفتوي.
وهذا الفن- تَوْصِيف الوقائع قضائية أَوْ فتوية- لا يستغني عنه القاضي ولا المفتي، وهو بمثابة أصول الفقه للمستنبط المقرر للأحكام الكلية، فهو يضبط اجتهاد القاضي والمفتي في تنزيل الأحكام الكلية على الوقائع؛ قضائية أَوْ فتوية، كما يضبط أصول الفقه اجتهاد الفقيه المستنبط من الأَدِلَّة كتابًا وسنة وغيرها.
والوقوف على أصول هذا الفن- تَوْصِيف الأَقْضِيَة- وأحكامه مما يعين على صقل ملكة التطبيق لدى القاضي والمفتي لتُهيِّء صاحبها لتنزيل الأحكام الكلية على الوقائع، فتكون له ملكة قارَّة قادرة على الاهتداء لأحكامه، وإدراك الأحكام العارضة له، فيهتدي لمعاقده، ويتنبه لفروقه؛ لِإتقانه أصوله ومآخذه، وكثرة نظره فيه، وتردده في ممارسته حتى تكون مباشرته عنده سهلة ميسرة، وذلك من أنفس ما يُحصِّله المتدرب في كل فن، وهو من أنفس صفات متلقي الأحكام الشرعية لتنزيلها على الوقائع في الفتيا والقضاء؛ لأَنَّ ثمرة كل علم تطبيقُه.
وقد تناول بعض جوانب هذا الفن- تَوْصِيف الوقائع فتوية أَوْ قضائية- الِإمامُ الشاطبي (ت: 790 هـ) - رحمه الله- في كتابه:

الصفحة 7