كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 1)
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (قرآن كريم)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (*)
قال إلإمام الحافظ زكى الدين عبد العظيم بن عبد القوى المنذري رحمه الله تعالى:
الحمد لله المبدئ المعيد (¬1)، الغنىّ الحميد، ذو العفو الواسع والعقاب الشديد، من هداه فهو السعيد السديد (¬2) ومن أضله فهو الطريد البعيد (¬3)، ومن أرشده إلى سبيل النجاة ووفقه فهو الرشيد كلّ الرشيد، يعلم ما ظهر وما بطن، وما خفى وما علن (¬4)، وما هجن (¬5) وما كمل، وهو أقرب إلى كل مريد من حبل الوريد (¬6)، قسم الخلق قسمين، وجعل لهم منزلتين، فريق في الجنة وفريق في السعير، إن ربك فعّال لما يريد، ورغب في ثوابه، ورهب (¬7) من عقابه، ولله الحجة البالغة، ومن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد. أحمده وهو أهل الحمد والتحميد، وأشكره والشكر لديه من أسباب المزيد (¬8)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العرش المجيد، والبطش (¬9) الشديد، شهادة كافلة لى عنده بأعلى درجات أولى التوحيد، في دار القرار (¬10) والتأييد. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير (¬11) النذير، أشرف من أظلت السماء وأقلّت البيد (¬12) صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا وعلى آله وأصحابه أولى (¬13) المعونة على الطاعة والتأييد، صلاة دائمة في كل حين تنمو وتزيد، ولاتنفد (¬14) مادامت الدنيا والآخرة ولا تبيد.
خطبة المؤلف
أما بعد: فلما وفقنى الله سبحانه وتعالى لإملاء كتاب مختصر أبى داود، وإملاء كتاب الخلافيات، ومذاهب السلف، وذلك من فضل الله علينا وسعة منه. سألنى بعض الطلبة أولى
¬_________
(*) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد:
فهذا شرحى على الترغيب والترهيب المسمى (فتح جديد) أسأل الله أن ينفع به كما نفع بأصله إنه هو الحميد المجيد.
(¬1) المحيى الخلائق يوم الحشر.
(¬2) الموفق للصواب.
(¬3) المحروم من رحمة الله عز وجل.
(¬4) ظهر.
(¬5) هجن، الهجنة في الكلام: العيب والقبح.
(¬6) المريد: من له إرادة، يعنيى به الإنسان، والوريد: عرق في العنق: أي أن الله تعالىقرب من مجرى الدم في العروق وأولي بالنصر وطلب الاعانة.
(¬7) خوف من عقابه.
(¬8) تكثير النعم.
(¬9) الانتقام.
(¬10) الدار: اثنتان الجنة والنار، والمراد هنا الجنة. والقرار: الاستقرار في المكان؛ والمعنى: أنه يشهد لله شهادة تكون كافلة له بالاستقرار في الجنة.
(¬11) يبشر الصالحين بالجنة، ويخوف العاصين من النار.
(¬12) أقلت: حملت، والبيد جميع بيداء كصحراء وزناً ومعنى، والمراد جميع الأرض.
(¬13) الذين نصروه وعزروه.
(¬14) تفنى.