كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 1)

وما من دابةٍ إلا وهى مُصيخةٌ يوم الجمعة من حين تُصبح حتى تطلع الشمس شفقاً (¬1) من الساعة إلا الإنس والجن.
(مصيخة): معناه مستمعة مصغية تتوقع قيام الساعة.

18 - وعن أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحشر الأيام على هيئتها، وتحشر الجمعة زهراء (¬2) منيرةً أهلها يحفون (¬3) بها كالعروس تُهدى إلى خدرها (¬4) تُضئ لهم يمشون في ضوئها ألوانهم كالثلج بياضاً، وريحهم كالمسك، يخوضون في جبال (¬5) الكافور، ينظر إليهم الثقلان (¬6) لا يطرفون تعجباً حتى يدخلون الجنة، لا يخالطهم أحدٌ إلا المؤذنون المحتسبون (¬7). رواه الطبراني وابن خزيمة في صحيحه، وقال: إن صح هذا الخبر، فإن في النفس من هذا الإسناد شيئاً.
(قال الحافظ): إسناده حسن، وفي متنه: غرابة.

19 - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: إن الله تبارك وتعالى ليس بتاركٍ أحداً من المسلمين يوم الجمعة إلا غفر له. رواه الطبراني في الأوسط مرفوعا فيما أرى بإسناد حسن.

20 - وعن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أضلَّ (¬8) الله تبارك وتعالى عن الجمعة من كان قبلنا، كان لليهود يوم السبت (¬9) والأحد للنصارى فهم لنا تبع إلى يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل
¬_________
(¬1) خوفا من أهوال يوم القيامة.
(¬2) بيضاء ساطعة.
(¬3) المراد: المصلون المستغفرون، المكثرون من طاعة الله وذكره، والصلاة على حبيبه يظلهم الله في ظله، ويستضيئون بضوء يوم الجمعة، يوم يشتد الهول، ن وتظلم القلوب، وتكثر الزلازل والمصائب.
(¬4) ناحية في البيت يترك عليها ستر فتكون فيه الجارية البكر، وفيه أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا خطب إليه إحدى بناته أتى الخدر فقال: إن فلانا خطبك إلى، فإن طعنت في الخدر لم يزوجها: أي دخلت سترها.
(¬5) المعنى أن أجسامهم بيضاء صافية، ورائحتهم المسك الأذفر كأن طريقهم الورد والياسمين، وأنواع الرياحين.
(¬6) الإنس والجن المنتظرون حساب الله.
(¬7) يرافقهم من يؤذن طالباً الثواب من الله جل وعلا.
(¬8) فيه دلالة لمذهب أهل السنة أن الهدى والإضلال والخير والشر كله بإرادة الله تعالى، وهو فعله خلافا للمعتزلة أهـ نووى.
(¬9) قال القاضى: الظاهر أنه فرض عليهم تعظيم يوم الجمعة بغير تعيين وكل إلى اجتهادهم لإقامة شرائعهم فيه، فاختلف اجتهادهم في تعيينه، ولم يهدهم الله له؛ وفرضه الله على هذه =

الصفحة 492