كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 1)

صحيح على شرط مسلم كذا قال، ومسلم إنما خرّج لمحمد بن إسحق في المتابعات. قال البغوي: يُريدُ بصاحب المكس الذي يأخذُ من التجار إذا مروا عليه مكساً باسم العُشْرِ.
[قال الحافظ]: أما الآن فإنهم يأخذون مَكْساً باسم العُشْرِ ومُكُوساً أُخَرَ ليس لهم اسمٌ، بل شيء يأخذونه حراماً، وَسُحتاً (¬1) ويأكلونه في بطونهم ناراً حجتهم فيه داحضةٌ (¬2) عند ربهم وعليهم غضب (¬3) ولهم عذابٌ شديدٌ.

16 - وعن الحسن رضي الله عنه قال: "مَرَّ عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه على كِلاَبِ بن أمية وهو جالسٌ على مجلس العاشرِ بالبصرةِ، فقال: ما يجلسك هاهنا؟ قال: استعملني على هذا المكان، يعني زياداً، فقال له عثمان: ألا أحدثك حديثاً سمعته من رسول الله؟ فقال: بلى، فقال عثمان: سمعت رسول الله يقول: كان لداود نبي الله عليه السلام ساعةٌ يُوقظُ فيها أهلهُ، يقول: يا آل داود قوموا فَصَلُّوا فإن هذه الساعة يستجيب الله فيها الدعاء إلا لساحرٍ (¬4)
أو عَاشِرٍ، فركب كِلاَبُ بن أمية سفينةً، فأتى زياداً فاستعفاهُ (¬5) فأعفاهُ" رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، ولفظه: "عن النبي قال: تفتحُ أبواب السماء نصف الليل فينادي منادٍ هل من داعٍ فيستجاب له، هل من سائلٍ فيعطى، هل من مكروبٍ (¬6) فيفرج عنه، فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب الله عز وجل له إلا زانيةً (¬7) تسعى بفرجها أو عَشَّاراً".

17 - وفي روايةٍ له في الكبير أيضاً: سمعت رسول الله يقول:
¬_________
(¬1) رشوة ومالاً باطلاً لا يحل كسبه وأخذه لأنه يسحت البركة: أي يذهبها ومنه حديث ابن رواحة وخرص النخل أنه قال ليهود خيبر لما أرادوا أن يرشوه أتطعموني السحت: أي الحرام، سمى الرشوة في الحكم سحتاً، وماله سحت: أي لا شيء على من استهلكه.
(¬2) واهية تجر إلى الزلق غير ثابتة: أي باطلة زائلة كما قال تعالى: "ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق" يقال: أدحضت فلاناً في حجته فدحض.
(¬3) انتقام الله وعذابه.
(¬4) (أ) خداع ومشعبذ يصرف الأبصار عما يفعله لخفة يده ونمام تزخرف في القول، ويعوق من إسماع الخير. قال تعالى: "سحروا أعين الناس واسترهبوهم".
(ب) أو معاون الشيطان في الغواية والإضلال. قال تعالى: "ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر".
(¬5) طلب الإقالة من هذا الجبي الحرام.
(¬6) ذي ضيقٍ وَهمٍّ.
(¬7) تفعل الفاحشة القبيحة.

الصفحة 567