كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 1)

"استغنوا عن الناس، ولو بِشَوْصِ (¬1) السواك" رواه البزار والطبراني بإسناد جيد والبيهقي.
إن الله يحب الغني الحليم المتعفف

31 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: "لا يؤمن عبدٌ (¬2) حتى يأمن جارُهُ بوائقهُ (¬3)، ومن كان يؤمنُ بالله واليومِ الآخر، فلْيُكْرِمْ ضيفهُ (¬4)، ومن كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر: فليقل خيراً، أو ليسكت إن الله يحب الغني الحليم المتعفف (¬5)، ويبغضُ البذيَّ (¬6) الفاجر (¬7) السائل (¬8) المُلِحَّ (¬9) " رواه البزار.

32 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "عُرِضَ عليَّ أول ثلاثةٍ يدخلون الجنة، وأول ثلاثةٍ يدخلون النار، فأما أول ثلاثةٍ يدخلون الجنة: فالشهيدُ (¬10)، وعبدٌ مملوكٌ أحْسَنَ عبادة ربه، ونصحَ لسيدهِ (¬11)، وعفيفٌ (¬12) مُتعففٌ ذو عيالٍ (¬13) " رواه ابن خزيمة في صحيحه، وتقدم بتمامه في منع الزكاة.

33 - وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوفٍ عن أبيه رضي الله عنه قال: "كانت لي عند رسول الله عدةٌ، فلما فُتحت قُريظة جتُ لِيُنْجِزَ إليَّ ما وعدني فسمعتهُ يقول: من يستغنِ (¬14) يُغْنِهِ (¬15) الله، ومن يقنع (¬16) يُقنِّعْهُ (¬17) الله
¬_________
(¬1) بتنظيفه، شصت شوصاً: غسلت غسلاً: أي ولو بغسالته، وقيل: بما يتفتت منه عند التسوك، وكان يشوص فاه بالسواك: أي يدلك أسنانه وينقيها.
(¬2) مسلم.
(¬3) مهلكاته وضرره.
(¬4) يحسن إليه ويبذل ما عنده ثقة بالله المعطي المخلف.
(¬5) الذي لا يسأل الناس.
(¬6) قبيح اللسان.
(¬7) الفاسق.
(¬8) كثير السؤال.
(¬9) الشحاذ.
(¬10) الذي مات مجاهداً في سبيل نصر دين الله.
(¬11) أدى حقوق الله وحقوق سيده، وحفظ ماله، وراعى الأمانة.
(¬12) أي يطلب العفاف والتعفف وهو الكف عن الحرام والسؤال من الناس وتكلف الصبر والنزاهة عن الشيء.
(¬13) له أسرة ينفق عليها وأهل وأولاد، وجد في عمل وقنع برزق الله ومنه الحديث: "اللهم إني أسألك العفة والغنى".
(¬14) يترك سؤال الناس.
(¬15) يرزقه الله الغنى والسعادة.
(¬16) يرض بالقليل ويملأ قلبه إيماناً بربه وقناعة، والقنوع: الرضى باليسير من العطاء، وقنع يقنع قنوعاً بالفتح: سأل. وقنع يقنع قنوعاً وقناعة بالكسر: رضى، ومنه: القناعة كنز لا ينفذ، لأن الإنفاق منها لا ينقطع كلما تعذر عليه شيء من أمور الدنيا قنع بما دونه ورضي، ومنه حديث: "عز من قنع وذل من طمع" لأن القانع لا يذله الطالب فلا يزال عزيزاً.
(¬17) يرضه الله تعالى بما أعطى، ويفتح له باب رحماته.

الصفحة 584