كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 1)

ملعون من سُئل بوجه الله فمنع سائله

3 - ورويَ عن أبي عبيدة مولى رفاعة عن رافعٍ رضي الله عنه أن رسول الله قال: "ملعونٌ من سأل بوجه الله، وملعونٌ من سُئِلَ بوجه الله فمنع سائله" رواه الطبراني.

4 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال: "ألا أخبركم بشرِّ الناس (¬1) رجلٌ يُسألُ بالله (¬2)، ولا يُعطي" رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب والنسائي وابن حبان في صحيحه في آخر حديث يأتي في الجهاد إن شاء الله تعالى.

5 - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "ألا أخبركم بشرِّ البرية؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الذي يُسألُ بالله ولا يُعطي" رواه أحمد.

6 - ورويَ عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "ألا أحدثكم عن الْخَضِرِ (¬3) قالوا بلى يا رسول الله. قال: بينما هو ذات يومٍ يمشي في سوق بني إسرائيل أبصرهُ رجلٌ مُكاتبٌ (¬4)، فقال تصدق (¬5) عليَّ بارك الله فيك فقال الخضرُ: آمنتُ بالله ما شاء الله من أمرٍ يكونُ (¬6) ما عندي شيءٌ أُعطيكهُ، فقال المسكين: أسألكَ بوجه الله لما تصدقت عليَّ، فإني نظرتُ السماحة في وجهك ورجوتُ البركة عندك، فقال الخضرُ: آمنتُ بالله ما عندي شيءٌ أُعطيكهُ إلا أن تأخذني فتبيعني، فقال المسكين: وهل يستقيمُ هذا؟ قال نعم، أقولُ لقد سألتني بأمرٍ عظيمٍ
¬_________
(¬1) أرذلهم وأدناهم وأقبحهم وأبعدهم من رحمة الله.
(¬2) كذا (ع ود)، وفي (ن ط): بوجه الله، والمعنى: المذموم من جاءه سائل يرجو منه صدقة حباً في الله وكرمه فيحرمه قسوة وبخلاً. قال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة".
(¬3) اسمه بليا بن ملكان. قال تعالى في حكاية سيدنا موسى عليه السلام: "فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمنا من لدنا علما" (66 من سورة الكهف). (رحمة): هي الوحي والنبوة (من لدنا علما): مما يختص بنا، ولا يعلم إلا بتوفيقنا. وهو علم الغيوب "قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا" (67 سورة الكهف) أي علماً ذا رشد، وهو إصابة الخير. قال البيضاوي: ولا ينفي نبوته وكونه صاحب شريعة. (سيدنا موسى عليه السلام) أن يتعلم من غيره ما لم يكن شرطاً في أبواب الدين، فإن الرسول ينبغي أن يكون أعلم ممن أرسل إليه فيما بعث به من أصول الدين وفروعه لا مطلقاً، وقد راعى في ذلك غاية التواضع والأدب بأن تجهل نفسه، واستأذن أن يكون تابعاً له، وسأل منه أن يرشده، وينعم عليه بتعليم بعض ما أنعم الله عليه. أهـ ص 424
(¬4) اتفق مع سيده على أن يعتقه إذا دفع مبلغاً معيناً.
(¬5) أعطني شيئاً أستعين به على فك الرق.
(¬6) صدقت بوجود الله وخلقه وفضله والذي قدره الله تعالى يوجد.

الصفحة 602