كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

خوفاً من أن يُظَن به الرياء، بل يذكر بهما جميعاً ويقصد به وجه الله تعالى، وقد قدمنا عن
الفضيل رحمه الله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأذكار مصرحة بفضل الذكر القلبي بل بأفضليته ثم كلام المصنف مصرح بفضل الذكر باللسان وإن كان مع الغفلة وبه صرح القاضي عياض وغيره قال الغزالي حركة اللسان بالذكر مع الغفلة عنه تحصل الثواب ونفيه إنما هو بالنسبة لعمل القلب اهـ. وفي باب الذكر بعد الصلاة من شرح المشكاة لابن حجر اختلفوا في الذكر باللسان مع غفلة القلب فقال جمع لا ثواب فيه قال الجلال البلقيني وهو حق بلا شك اهـ. وفي باب مخالطة الجنب من الشرح المذكور التصريح بأفضلية الذكر اللساني على القلبي والرد على من قال الأفضل القلبي ثم اللساني بأن الأصحاب مصرحون بأن لا ثواب في الذكر القلبي المحض وكيف يفضل اللساني وفيه الثواب قطعاً والحق إن الأعلى ما جمع القلب واللسان ثم اللساني ثم القلبي ونفي الثواب فيه من حيث الذكر لا ينافي حصوله من حيث حضور القلب مع الله والمراقبة أو المشاهدة له تعالى ففيه ثواب في ثواب وإنما فضل عليه اللساني لأن في الإتيان به امتثالاً لأمر الشارع من حيث الذكر بخلاف ذاك ألا ترى أن ما تعبدنا به من الذكر لا يحصل إلاَّ بالتلفظ به بحيث يسمع به نفسه بخلاف ما إذا لم يسمع بأن أتى به همساً أو بقلبه فقط فإنه لا يحصل له الامتثال ويقع في لوم الترك وثواب الحضور إنما هو على جهة أخرى أجنبية عن المأمور به فتأمل ذلك اهـ. قوله: (خوفاً من أن يظن به الرياء إلخ) قال الإمام في المطالب من مكائد الشيطان ترك العمل خوفاً من أن يقول الناس أنه مراء وهذا باطل فإن تطهر العمل من نزغات الشيطان بالكلية متعذر فلو وقفنا العمل على ذلك لتعذر
الاشتغال بشيء من العبادة وذلك يوجب البطالة وهي أقصى غرض الشيطان ولقد أحسن من قال سيروا إلى الله عزّ وجل عرجاء ومكاسير ولا تنتظروا الصحة فإن انتظار الصحة بطالة اهـ، وكذا

الصفحة 108