كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

أو لم يكن لهما قصد، ولا يأثمان إلا إذا قصدا القرآن، ويجوز لهما قراءة ما نسخت تلاوته كـ "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما". وأما إذا قالا لإنسان: خذ الكتاب بقوة، أو قالا: ادخلوها بسلام آمنين، ونحو ذلك، فإن قصدا غير القرآن لم يحرم، وإذا لم يجدا الماء تيمماً وجاز لهما القراءة، فإن أحدث بعد ذلك لم تحرم عليه القراءة كما لو اغتسل ثم أحدث، ثم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كالإخلاص وغيره وذهب جمع إلى تحريم ما لا يوجد نظمه في غير القرآن، قال ابن حجر وهو متجه مدركاً لكن تسوية المصنف بين الذكر وغيره صريحة في جواز كله بلا قصد قراءة واعتمده غير واحد اهـ. قوله: (أو لم يكن لهما قصد) قال في التحفة لأن القرآن أي عند وجود قرينة تقتضي صرفه عن موضوعه كالجباية لا يكون قرآناً إلاَّ بالقصد اهـ، أي فلا ينافي ما سبق من أن هذا اللفظ لا يكون إلاَّ عبادة فيحصل ثوابه وإن لم ينو القراءة لأن ذلك عند عدم الصارف وما هنا مع وجوده. قوله: (إلاّ إذا قصدا القرآن) أي ولو مع قصد الذكر كما تقدم. قوله: (ويجوز لهما قراءة ما نسخت تلاوته) أي سواء نسخ حكمه أيضاً كحديث عائشة كانت الرضعات المحرمات في كتاب الله عشراً فنسخت بخمس فنسخ حكمها ولفظها، أم بقي الحكم كقوله تعالى: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) إذ هي في المحصن وحكم المدلول عليه بها وهو الرجم باقٍ لم ينسخ وإن نسخ لفظها، أما ما لم ينسخ لفظه فيحرم مسه على ذي الحدث الأصغر وقراءته على الجنب سواء نسخ حكمه كقوله تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] فإنه منسوخ بتربص أربعة أشهر وعشر، أم لا، ومثل منسوخ التلاوة في إباحته للجنب الحديث القدسي ونحو التوراة. قوله: (فإن أحدث بعد ذلك لم تحرم عليه القراءة إلخ) وكذا الجلوس في المسجد فيحل له ذلك كما يحل لذي الحدث

الصفحة 131