كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إكثاره من ذلك أفضليته على
سواه لما قال عمي وشيخي الشيخ الأوحد "أحمد بن إبراهيم بن علان" الصديقي سلمه الله تعالى إن القوم إنما فضلوا ما سبق لأنه أقرب إلى الحضور ففضلوه لذلك والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا تطرقه الغفلة في آن حتى يتوصل بالجلسة أو نحوها إلى ذلك الشأن وهو جواب حسن في غاية الإحسان، وفي بهجة المحافل للعامري وأقرب الجلسات إلى التواضع جلسة الجاثي على ركبتيه كهيئة المتشهد وفي حديث جبريل حين سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أسند ركبتيه إلى ركبتيه أي كالمتشهد، وفيها أي البهجة: الإنصاف جواز استعمال الجلسات الواردة عنه - صلى الله عليه وسلم - لا يكره جلسة من الجلسات في حال من الأحوال فقد ورد أنه جلس غالبها إلاّ ما دل عليه الدليل ويغلب ما كان غالب أحواله، وكره قوم الاحتباء في مجالس الحديث والعلم وحال الأذان ومنهم الصوفية في حال السماع ولا أعلم له دليلاً من النقل ولا مقبحاً من العقل وكره جمع منهم الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب للنهي عنه في حديث الترمذي وأبي داود، وقال الخطابي وإنما نهى عنه في ذلك الوقت لأنه يجلب النوم ويعرض الطهارة للانتقاض فيفوت استماع الخطبة ويخاف انتقاض الوضوء ففسر النهي بذلك، وقد تتبعت الكلام عليه فلم أجد للنهي فائدة سوى ذلك وهو اللائق الموافق فلم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يلازم ما يكره أو يقبح أو ما هو خلاف الأولى أو الأدب وكأن مدار من كرهها على الاستحسان العرفي الذي يختلف الأمر فيه باختلاف البلدان والأزمان ولا يعول عليه، وعن أبي سعيد الخدري كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس في المجلس احتبى بيديه وكذلك كان أكثر جلوسه فربما احتبى بيديه وربما احتبى بثوبه وبه يندفع ما قيل إن فعله - صلى الله عليه وسلم - لبيان الجواز اهـ، وأما عدول الصوفية عنه فتقدم أن مرادهم ومراميهم ما يعين على حضور القلب والإقبال على الرب وملازمة الأدب وتلك الجلسة لذلك أقرب فقدموها مع جواز غيرها، وفي البهجة للعامري في صفة جلوسه - صلى الله

الصفحة 134