كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

والدليل على عدم الكراهة قول
الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الله عز وجل إليه ألا يزال لسانك رطباً من ذكري قال: يا رب أكون على حال أجلك إن أذكرك فيها قال: وما هي؟ قال: أكون جنباً أو على الغائط أو إذا بلت فقال: وإن كان فقال: يا رب وما أقول؟ قال: تقول سبحانك وبحمدك جنبني الأذى سبحانك وبحمدك نقني الأذى، وفي شرح السنة للبغوي عن محمد بن سيرين أن عمر بن الخطاب كان في قوم وهو يقرأ فقام لحاجته ثم رجع وهو يقرأ فقال له رجل لم تتوضأ فقال عمر من أفتاك بهذا مسيلمة وسيأتي في أذكار الخلاء مزيد تحقيق. قوله: (والدليل على عدم الكراهة قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} قال الجلال السيوطي في الإكليل فيه استحباب الذكر على كل حال كما قال مجاهد وقال ابن مسعود هذا في الصلاة إن لم تستطع قاعداً فعلى جنب أخرجه الطبراني وغيره اهـ، وكأن الدليل مجموع الآية والحديث وإلا فالآية غير نص في الذكر اللساني لاختلاف المفسرين في المراد بالذكر فيها فقيل الصلاة وقيل الخوف وقيل الذكر والأول قال به علي وابن مسعود وابن عباس وقتادة وأوردوا بمعناه حديث عمران بن الحصين ومن ثم قال البيضاوي فهو حجة للشافعي أن المريض يصلي مضطجعاً على جنبه الأيمن مستقبلاً بمقاديم بدنه إلاَّ أن يقال لما كان مطلق الذكر هو ظاهر الآية ولذا يبدأ بنقله في تفسيرها أكثر المفسرين ثم يذكرون ما عداه بصيغة قيل الموضوعة للتضعيف كان احتمالها لغيره لبعده عن ظاهر اللفظ غير قادح في الاستدلال على أنه لا منافاة بين حمله على الصلاة وحمله على الذكر لما سبق أن الذكر يطلق ويراد ما يعمها من سائر الأعمال الصالحة وحينئذٍ فالصلاة من إفراده والاحتجاج في جواز الاضطجاع في الصلاة بخبر عمران ابن الحصين وهو "صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً" وإن احتملت عبارة القاضي البيضاوي أنه بالآية فهي ظاهرة فيما قلناه

الصفحة 138