كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

نظيفاً، فإنه أعظم في احترام الذكر والمذكور، ولهذا مدح الذكر في المساجد والمواضع الشريفة، وجاء عن الإمام الجليل أبي ميسرة رضي الله عنه قال: "لا يذكر الله تعالى إلا في مكان طيب"، وينبغي أيضاً أن يكون فمه نظيفاً، فإن كان فيه تغيُّرٌ أزاله بالسواك، وإن كان فيه نجاسة أزالها بالغسل بالماء، فلو ذكر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والوسواس. قوله: (نظيفاً) أي طاهراً من سائر الأدناس فضلاً عن الأنجاس وفيه تنبيه على أن القلب الذي هو محل نظر الرب ينبغي أن يكون خالياً عن سكون الأغيار المسماة بالسوى نظيفاً طاهراً من حب نجاسة الدنيا ليكون قلبه سليماً فلا يزال في الفيض مقيمًا. قوله: (ولهذا مدح الذكر في المساجد) قال في التبيان لكونه جامعاً للنظافة وشرف البقعة ومحصلًا لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف. قوله: (والمواضع الشريفة) أي وإن لم تكن مساجد وشرفها إما بكونها من مآثره - صلى الله عليه وسلم - كغار حراء ونحوه وإما بكونها من محال الإجابة وإما بسلامتها عما يشغل البال ويمنع الكمال. قوله: (أبي ميسرة) بفتح الميم وسكون التحتية وكسر المهملة وبالراء آخره هاء. قوله: (لا يذكر الله إلاّ في مكان طيب) أي خالٍ عن الشبهة فضلاً عن الحرام نظيفاً عن الأدناس المشوشة قلب الذاكر فضلاً عن الآثام ثم "يذكر" بالبناء للمفعول مرفوعاً. في أكثر النسخ على أنه نفي بمعنى النهي ومجزوماً في نسخة على النهي. قوله: (فمه نظيفاً) قال في الحرز أي طاهراً من النجاسات الحقيقية وكذا من الحكمية كالغيبة وسائر الأقوال الدنية اهـ، وكذا من الأوساخ الظاهرة كالقلح وتغير الفم فيزيل ذلك بالسواك فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ومن ثم تأكد السواك عند الصلاة لحضور الملك فيها مع المصلي على قربه منه حتى يضع فاه على في القارئ ورد ذلك في حديث في مسند البزار. قوله: (أزالها بالغسل بالماء) أي فإن توقف إزالتها على غير الماء كالسواك فيما إذا أكل ميتة فعلقت دسومتها بفيه وجب السواك عند إرادة القيام إلى نحو الصلاة

الصفحة 142