كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)} [الصافات: 143 - 144] وقال تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)} [الأنبياء: 20].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في ملأ خير منه. قوله: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)} [الصافات: 143] قال الواحدي "فلولا أنه كان" قبل التقام الحوت إياه {الْمُسَبِّحِينَ} أي المصلين وكان كثير الصلاة {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)} [الصافات: 144] لصار بطن الحوت قبراً له إلى يوم القيامة قال سعيد بن جبير شكر الله قدسه وقال الضحاك بن قيس اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة فإن يونس كان عبداً صالحاً ذكر الله تعالى، فلما وقع في بطن الحوت قال الله تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)} الآية وإن فرعون كان عبداً طاغياً ناسياً ذكر الله تعالى، {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 90] قال الله تعالى له: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ} [يونس: 91] اهـ، قلت وفي حديث ابن عباس تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة وفي الحصين الحصين من
حديث أبي هريرة من أحب أن يستجاب له في الشدائد والكرب فليكثر من الدعاء في الرخاء رواه الترمذي ما يؤيد ذلك. ثم وجه إيراد الآية في فضل الذكر جعل التسبيح على أحد أنواع الذكر أي على قول سبحان الله ونحوه فقد حكى الله تعالى أن نجاة يونس بكلمة التوحيد قال تعالى حكاية عنه {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} [الأنبياء: 87، 88] المؤمنين أما إذا جعل على بيان ما كان قد أتى به قبل التقام الحوت من الصلاة فتقدم أن فضل الذكر غير منحصر في نحو التهليل بل هو شامل لسائر الطاعات ويكون في الآية فضل الذكر بهذا المعنى أي طاعة الله تعالى، الشامل للذكر الحقيقي شرعاً أي قول سيق لثناء على الله تعالى إلخ. قوله: {مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [آل عمران: 24] أي لا يضعفون ولا يملون قال

الصفحة 175