كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

آخر شيء في صحيح البخاري.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
متلبساً بحمدي له من أجل توفيقه لي وقيل عاطفة لجملة على جملة أي أنزهه وألتبس بحمده وقيل زائدة أي أسبحه مع ملابسة حمدي له وسيأتي زيادة إيضاح في إعرابه وقدم التسبيح على التحميد لأنه تنزيه عن صفات النقص والحمد ثناء بصفات الكمال والتخلية مقدمة على التحلية قال الكرماني التسبيح إشارة إلى الصفات السلبية والحمد إشارة إلى الصفات الوجودية، ثم قيل سبحان الله إلخ مبتدأ خبره مقدم عليه هو كلمتان إلخ وما بينهما صفة الخبر وقدم الخبر لما تقدمت الإشارة إليه من تشويق السامع إلى المبتدأ كقول الشاعر:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحا وأبو إسحاق والقمر
وبعضهم جعل كلمتان مبتدأ وسبحان الله إلخ خبره قال لأن سبحان يلزم الإضافة إلى مفرد فيجري مجرى الظروف وهي لا تقع إلاَّ خبراً ورجحه المحقق ابن الهمام قال لأنه مؤخر لفظاً والأصل عدم مخالفة وضع الشيء محله بلا موجب ولأن سبحان الله إلخ محط الفائدة بنفسه بخلاف كلمتان فإنهما إنما يكونان محطا لها بواسطة صفاتها. قال الشيخ زكريا في شرح البخاري وللنظر في بعضه مجال والله أعلم. قوله: (آخر شيءٍ في صَحِيح البخَارِي) قال الحافظ وكذا ذكره البخاري أيضاً في الدعوات وفي الإيمان والنذور. وختم البخاري بهذا الحديث لأن التسبيح مشروع في الختام وقال تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: 3] وأخرج الترمذي والحاكم عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جلس في مجلس فأكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلاَّ أنت أستغفرك وأتوب إليك غفر له ما كان في مجلسه ذلك وأيضاً ففي الحديث المذكور ما تقدم من أن الثواب من محض الإحسان ففيه

الصفحة 179