كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

والحمْدُ لِلهِ تَمْلأُ المِيزَانَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بأنه لم يدع أن الشرط شطر إنما قال أنه كالشطر وهو وإن لزم عليه إن فيه تجوزاً في قصر الإيمان على الصلاة وإخراج الشطر عن حقيقته إلى معنى المماثل للشطر لا يبعد اختياره لتعذر الحقيقة باعتبار القواعد والاستقراء وبه يجاب عما قيل أنه من قصر العام على بعض أفراده وهو لا يجوز إلاَّ بدليل واستعمال الشطر في غير النصف الحقيقي شائع وحكمة التعبير به الإشارة إلى الفخامة والشرف والطهر حقيق بذلك إذ طهر الظاهر، برفع الحدث والخبث حتى يتأهل
العبد للوقوف بين يدي الله تعالى والشروع في مناجاته، مؤذن غالباً يطهر الباطن من خبائث ذنوبه بالتوبة المؤذنة بفتح باب السلوك إلى الله تعالى ومن ثم مدح الله تعالى كلا منهما وأثبت له محبة مخصوصة بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} [البقرة: 222] ولا يشكل على ما ذكر من إخراج الشطر عن معنى النصف حديث أحمد والطهور نصف الإيمان لأن النصف يأتي أيضاً بمعنى الصنف ومنه عند جماعة حديث تعلموا الفرائض فإنها نصف العلم كقول الشاعر: {}
إذا مت كان الناس نصفان شامت ... وآخر مثن بالذي كنت أفعل
وأما حمل بعضهم الخبر على أن المراد الطهور كالإيمان في تكفير ما فعل من العصيان فمردود بأنه حينئذٍ مثله لا شطره على أن الصلاة ونحوها مثله في ذلك فلا خصوصية له. قوله: (والحمد لله تملأ الميزان) بالتحتية والفوقية أي يملأ ثوابها لو قدر جسماً أو هي لو جسمت باعتبار ثوابها أي ثواب التلفظ بها مع استحضار معناها أي من الثناء بالجميل الاختياري إلخ والإذعان له والميزان الذي يقع به وزن الأعمال إما بأن يجسم أو توزن صحف الأعمال فتطيش بالسيئة وتثقل بالحسنة حقيقة يوم القيامة دل عليه الكتاب والسنة قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] والآيات والسنة كثيرة فيما ذكره ومخالفة المعتزلة في إثبات حقيقة الميزان

الصفحة 188