كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

والتكرير، فضعفتْ عنها همم الطالبين، فقصدتُ تسهيل ذلك على الراغبين، فشرعت في جمع هذا الكتاب مختصِراً مقاصد ما ذكرته تقريباً للمعتنين،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا لفائدة فهو الحشو والأسانيد جمع إسناد وهو الإخبار عن طريق المتن، والسند رجاله وقيل هما بمعنى وعليه جرى الجلال السيوطي في ألفيته فقال:
والسند الإخبار عن طريق ... متن والإسناد لدى فريق
وكون الإسناد سبباً للتطويل بالنظر لمريد التعبد بألفاظ الأذكار وإلَّا فهو اسم مطلوب للمحدث إذ به يعرف حال الحديث في القوة والضعف قال ابن المبارك الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ونقل مثله عن غيره. قوله: (والتكرير) مصدر كرر المضاعف أي ذكر الشيء مرة بعد أخرى والتكرار بفتح المثناة وكسرها اسم مصدر وهذا يفعله الجامعون على الأبواب والمعاجم كثيراً لحاجتهم إليه وقد أكثر منه الحافظ البخاري في صحيحه حتى قال فيه بعضهم:
قالوا لمسلم فضل ... قلت البخاري أعلى
قالوا المكرر فيه ... قلت المكرر أحلى
قوله: (الراغبين) من الرغبة شدة الطلب والمراد الراغبين في طلب المتعبد بلفظه دعاء أو ذكراً. المعرضين عما يتعلق به من الأسانيد فلا يخالف ما تقدم من قوله فضعفت عنها همم الطالبين. قوله: (مختصراً) بوزن اسم الفاعل حال من فاعل شرع مقدرة أو من المجرور بفي كذلك أو من اسم الإشارة المضاف إليه أي حال كون هذا الكتاب مختصراً ما تقدم وإسناد الاختصار إليه مجاز عقلي من إسناد ما للشيء لآلته وصح مجيء الحال من المضاف إليه لكون المضاف عاملاً قبل الإضافة في المضاف إليه فهو كقوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} [يونس: 4] ثم هو بالتنوين فيما وقفت عليه من الأصول المصححة ولو روي بترك التنوين والإضافة لجازت فيه الأوجه المذكورة لكون إضافته لفظية غير معرفة

الصفحة 19