كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

عَدَدَ
خَلْقِهِ، وَرِضَى نَفْسِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(عَدَدَ خَلقِهِ) أي قدره فهو وما بعده منصوب على الظرفية قال الجلال السيوطي في حاشية سنن أبي داود ما لفظه "سئلت" قديماً عن إعراب هذه الألفاظ ووجه النصب فيها فأجبت بأنها منصوبة على الظرف بتقدير قدر وقد نص سيبويه على إن من المصادر التي تنصب على الظرف قولهم زنة الجبل ووزن الجبل اهـ، وألف فيه الجلال جزءاً لطيفاً سماه "رفع السنة عن نصب الزنة" وقيل بل على المصدرية وعليها فقدره بعضهم أعد تسبيحه وبحمده بعدد خلفه وبمقدار ما يرضاه إلخ، وقدره آخرون سبحته تسبيحاً يساوي خلقه عند التعداد وزنه عرشه ومداد كلماته في المقدار وموجب رضا نفسه قال ابن حجر في شرح المشكاة والأول أوضح اهـ، وفيه أن ما يناسب القول بأن النصب على نزع الخافض الذي بدأ به في المرقاة وقدره الشيخ أكمل الدين في شرح المشارق عدداً كعدد خلقه اهـ. قال العاقولي وذكر العدد مجاز للمبالغة لأنها لا تحصر بعد اهـ، وسيأتي له مزيد. قوله: (ورِضَا نفسِهِ) أي ذاته المقدس لتعاليه تعالى عن النفس وقوله تعالى: {وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116] من باب المقابلة والمشاكلة لاستحالة النفس عليه تعالى كذا في شرح المشكاة لابن حجر وصريحه منع إطلاقها عليه تعالى في غير المشاكلة وأجازه آخرون لوجوده مع فقد المشاكلة كما في خبر الباب وخبر سبحانك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك وفي الحرز لعل وجه المنع أنه مأخوذ من النفس وهو تعالى منزه عنه والأظهر أنه مأخوذ من النفس فيجوز إطلاقه عليه بهذا المعنى اهـ، وهذا بناء على مذهب الباقلاني من جواز ما صح وصفه به مما لا يوهم نقصاً وإن لم يأت به توقيف والصحيح امتناعه قبله ولو استدل لجواز الإطلاق بوروده لا على سبيل المشاكلة فيما ذكر من الخبر
الصحيح وأمثاله لكان أولى والله أعلم، وما ورد من إطلاق لفظ النفس عليه تعالى

الصفحة 197