كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

وَزِنَةَ عَرشِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فالمراد بها فيه الذات قال الراغب في مفرداته في قوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ} [آل عمران: 30] أي ذاته وقال ابن الجوزي والنفس تطلق بمعنى الذات وهو المراد في الحديث أي حديث من ذكرني في نفسه الحديث وفي تفسير القاضي وقوله في نفسك للمشاكلة وقيل المراد به الذات وفي "فتح الرحمن في كشف ما يلبس من القرآن" للشيخ زكريا الأنصاري "إن قيل" كيف قال عيسى ذلك مع إن كل ذي نفس جسم فهو ذو جسم لأن النفس جوهر قائم بذاته متعلق بالجسم تعلق التدبير والله منزه عن ذلك "قلت" النفس كما تطلق على ذلك تطلق على ذات الشيء وحقيقته كما يقال نفس الذهب والفضة محبوبة أي ذاتهما والمراد هنا الثاني اهـ، فتحصل من ذلك حمل ما ورد من النفس في حقه تعالى على معنى الذات لكن قال ابن اللبان الشاذلي في كتابه "إزالة الشبهات" في الآية المذكورة قد أولها العلماء بتأويلات منها إن النفس عبّر بها عن الذات والهوية وهذا وإن كان سائغاً في اللغة ولكن تعدى الفعل إليها بواسطة في المفيدة للظرفية محال لأن الظرفية يلزمها التركيب في ذاته وأولها بعضهم بالغيب أي ولا أعلم ما في غيبك وسرك وهذا أحسن لقوله آخر الآية: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109)} [المائدة: 109] اهـ، وأنت خبير إن صرفها عن معنى الذات لما ذكر في الآية إنما يجري فيما أشبهه قال ابن حجر في شرح المشكاة وكان القياس ورضاه فذكر النفس المراد بها الذات تأكيداً أي يقتضي التسبيح والحمد، أي كل منهما لكماله والإخلاص فيه، رضا ذاته أو يكون بما يرتضيه لنفسه أو بمقدار ما يرضاه ولا يرضى إلاَّ بما هو خالص لوجهه وعليه ففي ذكر النفس الإشارة إلى الإخلاص وأنه لا يحصل ثواب الذكر بل سائر الأعمال إلاّ ما ابتغى بها وجه الله سبحانه وتعالى اهـ. قوله: (وَزنَة عَرْشه) في كشف المشكل لابن الجوزي هو من الوزن والمقابلة بالثقل وكون كل من التسبيح والحمد ليس له وزانة والعرش جسم له ثقل يجاب بأن الخبر يحتمل

الصفحة 198