كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

ومِدَادَ كَلِماتِهِ"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أمرين أحدهما إن تكون الإشارة إلى إن الصحف التي يكتب فيها التسبيح والتحميد تجمع حتى توازن العرش والثاني إن يراد بذلك الكثرة والعظمة فشبهت بأعظم المخلوقات اهـ. قوله: (ومِدَادَ كَلِمَاته) المداد بكسر الميم كالمد مصدر بمعنى المدد وهو ما كثرت به الشيء يقال مددت الشيء أمده ويحتمل أن يكون جمع مد بالضم مكيال معروف فإنه يجمع على مداد، وكلمات الله تعالى قيل كلامه القديم المنزه عن أوصاف الكلام الحادث قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} [الكهف: 109] الآية وقيل علمه وقيل القرآن، ومعناه قيل مثلها في العدد وقيل مثلها في عدم التقدير وقيل في الكثرة أي يكون كل من التسبيح والتحميد مثلها بمقدار هذه وقيل عددها لو فرض حصرها فذكر القدر أو العدد فيها مجاز مبالغة في الكثرة وإلاّ فهي لا تعد ولا تحصى ولذا ختم بها إشارة إلى أن تسبيحه وحمده لا يحدان بعدد ولا مقدار قال ابن حجر في شرح المشكاة ولعل هذا مراد النووي بقوله فيه ترق لكن لا يتم ذلك في الكل لأن رضا نفسه أبلغ من زنة عرشه كما هو ظاهر اهـ، والمراد المبالغة في الكثرة لأنه ذكر ما لا يحصره العد الكثير من عد الخلق ثم زنة العرش ثم ارتقى إلى ما هو أعظم من ذلك وعبّر بقوله ومداد كلماته أي مما لا يحصيه عدد كما لا تحصى كلمات الله وصرح في الأولى بالعدد وفي الثانية بالزنة ولم يصرح بواحد منهما في الثانية
والرابعة إيذاناً بأنهما لا يدخلان في جنس المعدود والموزون ولا يحصر بهما المقدار لا حقيقة ولا مجازاً فيحصل الترقي من عدد الخلق إلى رضا النفس ومن زنة العرش إلى مداد الكلمات وقال القرطبي في المفهم إنما ذكر - صلى الله عليه وسلم - هذه الأمور على جهة الإعياء والكثرة التي لا تنحصر منبهاً على إن الذاكر لله تعالى بهذه الكلمات ينبغي له أن يكون بحيث لو تمكن من تسبيح الله

الصفحة 199