كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

وأحذف الأسانيد في معظمه لما ذكرته من إيثار الاختصار، ولكونه موضوعاً
للمتعبِّدين، وليسوا إلى معرفة الأسانيد متطلعين، بل يكرهونه -وإن قصر- إلا الأقلِّين،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وفي نسخة مختصراً قاصداً وعليه فيجوز أن يقرأ مختصراً بوزن اسم لمفعول حالا من المضاف إليه ويبعده قوله بعده قاصداً إلخ، والمختصر كالموجز ما قل لفظه وكثر معناه. "وفي شرح مسلم" للمصنف الاختصار إيجاز اللفظ مع استيفاء الفعنى وقيل رد الكلام الكثير إلى قليل فيه معنى الكثير وسمي اختصاراً لاجتماعه ومنه المخصر وخصرة الإنسان اهـ قوله: (وأحذف الأسانيد إلخ) عبر بالحذف الذي يكون عادة الذكر إشعاراً بأن السند مما يعتني به أرباب الإتقان فكأنه ذكره ثم حذف
ولو عبر بالترك ونحوه لما فهم ذلك. قوله: (إيثاراً) بالتحتية الساكنة ثم المثلثة من الأثرة، الاختصاص أي تخصيص الاختصار بالاختيار على مقابله. قوله: (ولكونه) عطف على ما من قوله لما ذكرته وأعاد الجار حذراً من إيهام كونه لو حذف الجار معطوفًا على إيثار. قوله: (يكرهونه) وذلك لكونهم يرونه من الأمور المكسبة للنفس شرفاً وفخراً وهم يكرهون كلما كان كذلك قال بعضهم في حق سفيان الثوري أنه نعم الرجل لولا أنه من أهل الحديث وفي تنبيه الغافل للقسطلاني قال أبو بكر الزقاق آفة المريد ثلاثة أشياء الترويج وكتابة الحديث والأسفار لكن حمل هذا الأثر على أن المراد بالحديث فيه الأخبار مثل التواريخ ونحوها وإلَّا فكثير من الأولياء الكرام الذين هم رؤوس زهاد الأنام وأكبر العارفين الفخام كمالك وأحمد وأمثالهما نظروا إلى النفع المرتب عليه وأنه من جملة العلم الذي الاشتغال به أفضل من الطاعات وأجل العبادات الموصلات قال أحمد وقد سئل ما تشتهي من الدنيا فقال بيت خال أي ليتعبد فيه وإسناد عال وهو من أسنى علوم الآخرة وعبارة التقريب للمصنف فإن علم الحديث من أفضل القرب

الصفحة 20