كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُل
شَيءٍ قَديرٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالذات ومن قوله لا شريك له أي في كمال الصفات وما اختاره الحنفي من كون كل منهما تأكيداً خلاف الأولى مع إمكان التأسيس على ما لا يخفى اهـ. وقال ابن العربي أتى به للإشارة إلى نفي الإعانة فإن العرب كانت تقول لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك اهـ، ثم وحده وإن كان معرفة لفظاً هو نكرة معنى إذ هو بمعنى منفرداً فلذا وقع حالاً وفي تحفة القاري على صحيح البخاري للشيخ زكريا الأنصاري في باب الدين النصيحة من كتاب الإيمان وحده حال بتأويله بنكرة أي واحداً أو مصدر وحد يحد كوجد يجد اهـ. قوله: (له الملك) أي الملك المطلق الحقيقي الدائم الذي لا انتهاء لوجوده له لا لغيره كما يؤذن به تقديم الظرف المؤخر رتبة لكونه معمول الخبر والميم في الملك مثلثة بمعنى واحد على ما رواه بعض البغداديين كذا في شرح العمدة للقلقشندي. قوله: (وله الحمد) أي الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التعظيم له لا لغيره وما وجد
منه لغيره فبطريق المجاز إذ لا نعمة بالحقيقة لغيره أصلاً كذا في فتح الإله وفيه إن الحمد لا يختص بالنعمة بل قد يكون لا فى مقابلتها إلا إن يقال وحمل ذلك على ما في مقابل النعمة ولا يخفى ما فيه. قوله: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التغابن: 1] قال في شرح المشكاة على كل شيء شاءه قدير فخرج المحال لذاته فإنه لا يتعلق به الإرادة فلا تتعلق به القدر وحاصله أن شيئاً هنا بمعنى مشيء اسم مفعول من شاء أي مراد وجوده فلا استثناء لأن الممتنع والواجب لا يحتملهما الشيء بهذا المعنى فلا حاجة إلى استثنائهما منه وقد أوضح هذا المقام القاضي البيضاوي فقال في سورة البقرة من تفسيره الشيء يختص بالموجود لأنه في الأصل مصدر شاء أطلق بمعنى شاء تاره أي مريد اسم فاعل وحينئذٍ فيتناول الباري تعالى كما قال تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: 19] وبمعنى مشيء أي اسم مفعول أي مشيء وجوده وما شاء الله وجوده فهو موجود في

الصفحة 203