كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

"أفضَلُ الذكْرِ لا إلهَ إلا اللهُ"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكان أبوه يومئذٍ أحد النقباء وكان جابر من أصغر الصحابة سناً وآخرهم موتًا وكان من ساداتهم وفضلائهم المتحفين بحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استشهد أبوه يوم أحد وأخبر عنه - صلى الله عليه وسلم - إن الله أحياه وكلمه كفاحاً وسأله أن يتمنى عليه فتمنى الرجعة إلى الدنيا ليستشهد مرة أخرى على يد جابر وبسببه معجزات طاهرة باهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كقصة أبيه وخبر بعيره وقصة الداجن يوم الخندق حيث كفتهن والشطر الشعير جميع أهل الخندق ببركته - صلى الله عليه وسلم - وبقيت بقية روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف حديث وخمسمائة وأربعون حديثاً اتفقا منها على ستين وانفرد البخاري بستة عشر ومسلم بمائة وستة وعشرين روى عنه بنوه وغيرهم توفي بالمدينة بعد أن كف بصره سنة ثلاث وسبعين وهو ابن أربع وتسعين سنة وصلى عليه أبان بن عثمان وكان والي المدينة وجابر آخر الصحابة موتاً بالمدينة رضي الله عنهم أجمعين. قوله: (أَفْضَلُ الذكر لا إله إلاَّ الله) إن أريد بالذكر المصدر كان التقدير قول لا إله إلاَّ الله وإن أريد به الألفاظ التي وضعت للذكر لم يحتج لتقدير قال المظهري وإنما كانت أفضل الذكر لأن الإيمان لا يصح إلاّ بها وقال زين العرب أو بما في معناها والجمهور على الأول ولأنها كلمة التوحيد وكلمة الحق وكلمة الإخلاص كما سيأتي قال تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] أي دم على علم ذلك قال الرازي في أسرار التنزيل وقد ذكر الله تعالى كلمة التوحيد في سبعة وثلاثين موضعاً في التنزيل اهـ، ولأنها تؤثر تأثيراً بيناً في تطهير القلب عن كل وصف ذميم راسخ في باطن الذاكر وسببه أن لا إله نفي لجميع أفراد الآلهة وإلا الله إثبات للواحد الحق الواجب الوجود لذاته المنزه عن كل ما لا يليق بجلاله فبإدمان الذاكر لهذه ينعكس الذكر من لسان الذاكر إلى باطنه

الصفحة 213