كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

والإنابةَ والإعانةَ، والهدايةَ وتيسيرَ ما أقصده من
الخيرات، والدوام على أنواع المكرمات، والجمع بيني وبين أحبائي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والإنابة) بكسر الهمزة مصدر أناب وكذا الإعانة مصدر أعان وأصلهما إنواب وإعوان على وزن إفعال فنقلت حركة حرف العلة إلى الساكن ثم قيل تحرك حرف العلة باعتبار الأصل وانفتح ما قبله أي حالاً فقلب حرف العلة ألفاً فحصل التقاء الساكنين الألف المنقلبة وألف الأفعال فحذفت إحداهما وهل هي الأولى أو الثانية خلاف عند الصرفيين ثم عوض عن المحذوف الهاء في آخر الكلمة. قوله: (والهداية) في تهذيب اللغات الهداية والهدى يطلق بمعنيين أحدهما خلق الأيمان واللطف والآخر بمعنى البيان فمن الأول الحمد لله الذي هدانا لهذا ونظائره ومن الثاني {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الإنسان: 3] {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)} [البلد: 10] أي بيّنا له طريق الخير والشر {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ]
[فصلت: 17] أي بينا لهم الطريق اهـ، والهداية بالمعنى الأول لا تكون إلاَّ لله تعالى وبالمعنى الثاني تكون له وللرسل وورثتهم وحمل الهداية على خلق اللطف أي يلطف بنا فيؤهلنا لما يوجهنا له من الخيرات يؤيده ما في بعض النسخ "والهداية إلى تيسير ما أقصده من الخيرات" أي يلطف بي فيهون على ذلك ويوصلني إلى هذه المسالك وعلى البيان يؤيده عطف تيسير عليه في نسخ أخرى أي أسأله أن يمن علينا ببيان طريق الخير وييسر لنا سلوكه. قوله: (والدوام) يجوز فيه النصب عطفاً على المنصوب قبله والخفض عطفاً على الخير أي وتيسير ما أقصده من الدوام على أنواع المكرمات وهي جمع مكرمة بفتح أوله وضم الراء المهملة وعلى الثاني فالعطف من قبيل عطف الخاص على العام للاهتمام والفتح أليق بالمقام. قوله: (أحبائي) بالتشديد والهمز أي من يحبوني وأحبهم وإن لم يأت زمنهم لأنه ينبغي أن يحب في الله كل من اتصف بكمال سابقاً أو لاحقاً وما أحسن قول إمامنا الشافعي رضي الله عنه.
أحب الصالحين ولست منهم ... لعلي أن أنال بهم شفاعه

الصفحة 43