كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فقال بعد أن قدم في الباء احتمال كونها للسببية والمصاحبة: فعلى الأول هي شرط وعلى الثاني هي ركن. قال: كذا قيل وفيه نظر بل كل منهما محتمل للشرطية والركنية إذ كل منهما يقارن المشروط والماهية ويكون سبباً في وجوده ووضحه أن ركن الماهية مغاير لها مغايرة الجزء للكل فيصدق عليه المصاحبة كما تصدق عليه السببية وأما السببية فصادقة مع الشرطية وهو واضح لتوقف المشروط على الشرط ومع الركنية لأن ترك جزء من الماهية ينفي الماهية وجمعت في هذه الرواية باعتبار أنواعها من الوجوب تارة وغيره أخرى ومن قصد رضا الله فحسب ومع دخول الجنة أو بمقابلتها بالأعمال ولو في رواية العمل إذ هو عام لأنه مفرد محكي بأل وكل عمل له نية على حدته قال العاقولي في شرح المصابيح والتوزيع في هذه الصورة كما في قولهم ركب القوم دوابهم المقتضي للتوزيع على القوم دون ساروا فراسخ المقتضي أن الكل ساروها لا أنهم توازعوها اهـ، والفرق بين جمعي القلة والكثرة في النكرات لا في المعارف كما هنا وأفرد في رواية أخرى على الأصل في المصدر وفي التوشيح للسيوطي وفي معظم الروايات بالنية مفردًا قيل ووجهه أن محلها القلب وهو متحد فيناسب إفرادها بخلاف الأعمال فإنها متعلقة بالظواهر فيناسب جمعها اهـ، ومحلها القلب كما دل عليه الدليل السمعي كخبر التقوى ها هنا ولأن الإخلاص اللازم لها محله القلب اتفاقاً فلا يكفي النطق مع الغفلة عن استحضار المنوي بها نعم يسن النطق بها ليساعد اللسان القلب ولأنه - صلى الله عليه وسلم - نطق بها في الحج فقسنا عليه سائر العبادات وعدم وروده لا يدل على عدم وقوعه وأيضاً فهو - صلى الله عليه وسلم - لا يأتي إلاَّ بالأكمل وهو أفضل من تركه والنقل الضروري حاصل بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يواظب على ترك الأفضل طول عمره فثبت أنه أتى في نحو الوضوء والصلاة بالنية مع النطق ولم يثبت أنه تركه والشك لا يعارض اليقين ومن ثم أجمع عليه الأمة في سائر الأزمنة وبما ذكر اندفع ما شنع به ابن القيم

الصفحة 54