كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بينهما في ضمير ومن ثم قال - صلى الله عليه وسلم - لخطيب قال من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوي "بئس خطيب القوم أنت قل ومن يعص الله ورسوله" ولا ينافيه جمعه - صلى الله عليه وسلم - في خطبة النكاح في حديث أبي داود الآتي في أذكار النكاح لأن الخطيب لم يكن عنده من العلم بعظم الله تعالى وجلال كبريائه والوقوف على دلائل الكلام ما كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن ثم منعه لئلا يسري فهمه إلا ما لا يليق وإلى تفخيم هذه الهجرة وتعظيم شأنها، وترك ذكر الدنيا فيما يأتي أعراضاً عنها بالمرة ولخسة الهجرة إليها بالنظر إلى الهجرة إليهما إذ عطاء من يسعى لخدمة ملك
تعظيماً له أجزل من عطاء من يسعى لأخذ كسرة من مأدبته و"إلى" هنا وفيما بعد متعلقة بهجرة إن جعلت كان تامة وبمحذوف هو خبرها إن قدرت ناقصة. قوله: (دنيا) فعلى بضم أوله وحكي كسره وجمعه دنى ككبرى وكبر من الدنو أي القرب لسبقها على الآخرة أو لدنوها إلى الزوال فهي اسم لهذا العالم المتناهي وفي القاموس الدنيا نقيض الآخرة وقال غيره هي ما على الأرض من الهواء والجو وقيل هيكل المخلوقات من الجواهر والأعراض الموجودة قبل الدار الآخرة قال المصنف وهذا هو الأظهر وقد تطلق على كل جزء منها مجازًا وأريد بها هنا شيء من الحظوظ النفسانية من مال أو جاه ولا تنون لأن ألفها المقصورة للتأنيث وهي تأنيث أدنى وهي كافية في منع الصرف قال ابن مالك واستعمال دنيا منكراً فيه إشكال لأنها مؤنث أدنى أفعل تفضيل وحقه أن يستعمل باللام قال لأنها خلعت عنها الوصفية وأجريت مجرى ما لم يكن وصفاً قط كرجعى وتنوينها في لغة شاذ وزعم أنه غير لغة مردود ثم المراد بكان في الخبر في الموضعين أصل الكون لا بالنظر لزمن مخصوص أو

الصفحة 59