كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

يُصِيبُها أو امْرَأَةِ يَنْكِحُها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وضعها الأصلي من المضي أو هنا من الاستقبال لوقوعها في حيز الشرط وهو يخلص الماضي للاستقبال ويقاس به الآخر للإجماع على استواء الأزمنة في الحكم التكليفي إلا لمانع. قوله: (يصيبها) أي يحصلها، شبه تحصيلها عند امتداد الأطماع إليها بإصابة الغرض بالسهام بجامع سرعة الوصول وحصول المقصود ففيه استعارة تبعية أو استعارة مكنية تتبعها استعارة تخييلية فالتشبيه المضمر في النفس استعارة مكنية وإثبات الإصابة التي هي من لوازم المشبه به استعارة تخييلية. قوله: (أو امرأة ينكحها) خصت بالذكر مع شمول دنيا لها لأنها نكرة في حيز الشرط وهي تعم وإن كانت مثبتة تنبيهاً على سبب الحديث وإن كان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وهو كما في التوشيح للسيوطي ما رواه سعيد بن منصور في سننه بسند على شرط الشيخين عن ابن مسعود قال من هاجر يبتغي شيئاً فإن ما له ذلك مثل أجر رجل هاجر ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس فقيل له مهاجر أم قيس اهـ، وفي شرح المشكاة لابن حجر والسبب ما رواه الطبراني بسند رجاله ثقات خلافاً لمن زعم أنه لا أصل لما يذكرونه من السبب ولفظه عن ابن مسعود كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها فكنا نسميه مهاجر أم قيس قيل واسمها قتيلة بوزن قبيلة ولم يعين اسمه ستراً عليه وإن كان ما فعله مباحاً لما يأتي أو على أعظم فتن الدنيا قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ} [آل عمران: 14] ولأنهن من أعظم الشهوات وقال - صلى الله عليه وسلم - ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء، وذم طالب ما ذكر كما أشعر به السياق مع كون مطلوبه مباحاً لأنه أظهر قصد الهجرة إلى الله تعالى وأبطن خلافه وهذا ذميم قال تعالى {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} [الصف: 3] ولا ينافي هذا

الصفحة 60