كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عمله" وفي رواية أبلغ وفي أخرى زيادة وأن الله عز وجل ليعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله أي لأن النية لا يطرقها الرياء بخلاف العمل ويدل لخيريتها أيضاً خبر آخر عند أبي يعلى "يقول الله تعالى للحفظة يوم القيامة اكتبوا لعبدي كذا وكذا من الأجر فيقولون ربنا لم نحفظ ذلك عنه ولا هو في صحفنا - الحديث" ولا يعارضه خبر من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له واحدة ومن عملها كتبت له عشراً الموهم إن العمل خير منها لأن كتابة العشر ليست على العمل وحده بل عليه معها، ومن خيرية النية على العمل اقتضاؤها تخليد المؤمن في الجنة إذ المؤمن ناوِ الإيمان دائماً فقوبل التأبيد بالتأبيد ولو نظر إلى العمل لكان الثواب بقدره ومثله الكافر في العقاب وقيل النية خير من العمل بلا نية لا معها لئلا يلزم خيرية الشيء مع غيره على نفسه وسبب خيريتها أنها عمل قلبي سالم من تطرق نحو الرياء مع إن تنوير القلب المقصود بالطاعات بالنية أكثر لأنها صفته وقيل الضمير في عمله لكافر معهود وهو السابق لبناء قنطرة عزم مسلم على بنائها وقيل ليس خير في ذلك الخبر أفعل تفضيل.
والصحيح أن نية السيئة لا عقاب عليها إلاَّ إذا انضم إليها عزم أو تصميم ونية الحسنة وإن كانت كذلك إلا أن ناوي الحسنة كذلك يثاب عليها وعلى نيتها بخلاف نية السيئة مع ذلك فإنه معاقب على نيتها لا عليها ومعنى ثوابه على الأولين أنه يكتب له حسنة عظيمة لكن باعتبارين لا التضعيف إلى عشر فأكثر فإنه خاص بمن فعل كما صرح به خبر ومن عملها كتبت له عشراً المخصوص بقوله تعالى {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، والحديث أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام واختلف فيها فجعلها أبو داود أربعة هذا، ومن حسن أسلام المرء تركه ما لا يعنيه، والحلال بين والحرام بين، وازهد في الدنيا يحبك الله وقد نظمها كذلك أبو الحسن طاهر بن المفوز فقال:
عمدة الناس عندنا كلمات ... أربع قالهن خير البريه
اتق الشبهات وازهد ودع ما ... ليس يعنيك واعملن بنيه

الصفحة 64