كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

إنما يُعطى الناس على قدر نياتِهم. وروينا عن السيد الجليل أبي علي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ميمون بن مهران لما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض فوقع على أكفانه فدخل فيها فالتمس فلم يوجد فعرفوا أنه عمله، ولما سوى عليه التراب سمعنا من نسمع صوته ولا نرى شخصه يقول {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)} [الفجر: 27] الآية. روي لابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف وستمائة وستون حديثاً اتفقا منها على خمسة وتسعين وانفرد البخاري بمائة ومسلم بتسعة وأربعين وهو أحد السبعة الذين روي لهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فوق ألف. وقد نظمهم من قال:
سبع من الصحب فوق الألف قد نقلوا ... من الحديث عن المختار خير مضر
أبو هريرة سعد جابر أنس ... صديقه وابن عباس كذا ابن عمر
وكان من أكثر الناس فتوى وكان جسر القرآن كما سبق وقد ذكرت جملة من فضائله في كتابي ورد القلائد فيما يتعلق بزمزم وسقاية العباس من الفوائد. قوله: (إنما يعطى الناس إلخ) أي من نوى للمسلمين خيراً أعطيه وضده بضده الجزاء من جنس العمل وفي الخبر المرفوع كما تدين تدان وقال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60] وقال تعالى: {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 16] وفي الخبر المرفوع ليس للمؤمن من عمله إلاَّ ما نواه ولا عمل إلاَّ بنية وقال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)} [الحج: 25]، ففي الحديث لو إن رجلاً بعدن أبين هم بمعصية بمكة لأصاب من ذلك العذاب أو كما قال وقريب من حديث الباب حديث إن من عبادي من لا يصلحه إلاَّ الغنى ولو أفقرته لفسد حاله وإن من عبادي من لا يصلحه إلاَّ الفقر ولو أغنيته لفسد حاله.
قوله: (عن السيد إلخ) فيه إطلاق السيد على غير الله تعالى وسيأتي جواز ذلك مطلقاً وعن النحاس كراهته إذا كان بأل وأصله سيود على وزن فيعل وقيل سويد على وزن فعيل الأول قول البصريين والثاني قول غيرهم كما ذكره الجوهري وأعل عليهما بالقاعدة الصرفية هي إن الواو

الصفحة 68