كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العمل لذلك رياء بل ينبغي العمل والمجاهدة في الإخلاص والإعراض عن النظر إلى الناس وسئل السهروردي عمن يخشى العجب إن عمل والتعطيل إن لم يعمل هل الأولى ترك العمل لذلك أو يعمل وإن خاف ذلك فأجاب اعمل وإن خفت العجب مستغفراً منه إذا وقع فإن ترك العمل من مكايد الشيطان اهـ. وقرره الشيخ زكريا على وجه لطيف فقال ترك العمل لأجل الناس رياء من حيث يتوهم منهم أنهم ينسبونه إلى الرياء فيكره هذه النسبة ويحب دوام نظرهم له بالإخلاص فيكون حراماً بتركه محبة لدوام نسبته للإخلاص لا للرياء اهـ، قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر واعلم أن كثيرين ربما تركوا الطاعات خوفًا من الرياء وليس ذلك بمحمود مطلقاً، فإن الأعمال إما لازمة للبدن لا تتعلق بالغير ولا لذة في عينها كالصلاة ونحوها فإن كان باعثه نيته التقرب لكن عرض الرياء عند عقدها شرع فيها وجاهد نفسه في دفع ذلك العارض وكذا لو عرض في أثنائها فيرد نفسه قهراً للإخلاص حتى يتمها لأن الشيطان يدعوك للترك فإن لم تجبه وشرعت دعاك للرياء فإن لم تنظر إليه ندمك بعد تمام الفعل بكونك مرائياً ونحو ذلك لنترك ذلك الفعل فيحصل غرضه فاحذره، وإما متعلقة بالخلق وهذه تعظم آفاتها وأعظمها الخلافة ثم القضاء ثم التذكير ثم التدريس والإفتاء ثم إنفاق المال فمن لم تستمله الدنيا ولا يستفزه الطمع ولا يأخذه في الله لومة لائم وأعرض عن الدنيا جملة ولا يتحرك ولا يسكن إلاَّ إليه هو المستحق للولايات الدنيوية والأخروية ومن لا فهي عليه بأقسامها ضرر ولا يغتر الإنسان بما ورد في فضل ذلك فإن خطره عظيم ولسنا نأمر أحداً بترك الخير من ذلك إذ لا آفة فيه إنما الآفة في إظهاره بالتصدي له وعظاً وتدريساً بل نأمره معه بمجاهدة نفسه والتنزه عن خطرات الرياء فضلاً عن شوائبه وينبغي للضعفاء ترك الولايات رأسًا لخطرها ولا يترك الصلاة ونحوها أحد بل يجاهد نفسه في دفع شوائب الرياء عنها، وأما التصدي للعلوم فرتبة وسط لكنها بالولايات أشبه وللآفات أقرب فالحذر منها في حق الضعيف أسلم، وفضل قوم جمع المال على

الصفحة 70