كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 1)

والإخلاص أن يعافيَك الله منهما.
وقال الإمام الحارث المحاسبي رحمه الله: الصادق هو الذي لا يبالي لو خرج كلُّ قَدْر له في قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه، ولا يحب اطِّلاع الناس على مثاقيل الذرِّ من حسن عمله، ولا يكره أن يطّلع الناس على السيء من عمله.
وعن حذيفة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشرك الأصغر الذي هو الرياء والشرك الأكبر الذي هو الكفر والعياذ بالله متجه يتضح بالمثال هو أن المصلي حتى يقال إنه صالح مثلاً يكون رياؤه باعثاً له على العمل لكنه في خلال ذلك العلم يقصد به تعظيم الله تعالى تارة ويغفل أخرى وفي كل منهما لم يصدر منه مكفر بخلاف الشرك الأكبر فإنه لا يحصل إلاَّ إذا قصد بالسجود مثلاً تعظيم غير الله تعالى فالمرائي نشأ له الشرك الخفي بواسطة أنه عظم قدر المخلوق عنده حتى حمله ذلك العظم على أن يركع ويسجد لله ليراه الناس فيصل إلى قصده فكان ذلك المخلوق معظماً بالسجود من وجه وهذا عين الشرك الخفي لا الجلي إذ لا يقدم عليه إلاَّ مخدوع الشيطان لما أوهمه قدرة ذلك العبد الضعيف الذي لا يملك نفع نفسه على نفعه وضره أكثر مما يقدر تعالى عليه فعدل بوجهه وقصده إليه عن الله تعالى فأقبل يستميل قلبه فوكله الله إليه في الدنيا والآخرة ففي الحديث يقال لهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون فاطلبوا ذلك عندهم اهـ. باختصار. قوله: (والإخلاص إلخ) فتفرد الحق بالقصد وتقطع النظر عن الخلق قال السري لا تعمل للناس شيئاً ولا تعط لهم شيئاً ولا تكشف لهم شيئاً اهـ.
قوله: (المحاسبي) قال المصنف في المجموع والتبيان هو بضم الميم قال السمعاني قيل له ذلك لأنه كان يحاسب نفسه وهو ممن جمع له علم الظاهر والباطن اهـ، لكن نقل المغني عن النووي أنه بفتح الميم أهو كذا رأيته مضبوطاً في هامش أصل صحيح من هذا الكتاب غير معزو لكتاب قال القشيري مات ببغداد سنة ثلاث وأربعين ومائتين اهـ. قوله: (الصادق هو الذي لا يبالي إلخ) زاد المصنف نقلاً عنه في التبيان فإن كراهته لذلك دليل

الصفحة 72