كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 1)
والثاني: أنهم المنافقون آمنوا ثم ارتدواْ , ثم آمنوا ثم ارتدواْ , ثم ماتواْ على كفرهم , وهذا قول مجاهد. والثالث: أنهم قوم من أهل الكتاب قصدواْ تشكيك المؤمنين فكانواْ يظهرون الإيمان ثم الكفر ثم ازدادواْ كفراً بثبوتهم عليه , وهذا قول الحسن. واختلف لمكان هذه الآية في استتابة المرتد على قولين: أحدهما: أن المرتد يستتاب ثلاث مرات بدلالة الآية , فإن ارتد بعد الثلاث قتل من غير استتابة , وهذا قول علي. والثاني: يستتاب كلما ارتد , وهو قول الشافعي والجمهور.
{الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ} يعني المنافقين. {فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ} أي فأعطونا من الغنيمة. {وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ} فيه ثلاث تأويلات: أحدها: معناه ألم نستول عليكم بالمعونة والنصرة ونمنعكم من المؤمنين بالتخذيل عنكم. والثاني: معناه ألم نبين لكم أننا على دينكم , وهذا قول ابن جريج. والثالث: معناه ألم نغلب عليكم , وهو قول السدي. وأصل الاستحواذ الغلبة , ومنه قوله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيهُمُ الشَّيْطَانُ} يعني غلب عليهم. وفي قوله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيْلاً} فيه قولان:
الصفحة 537
548