كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 1)

10 - الطريقة الدرقاوية والطريقة الحنصالية:
وفي أعقاب العهد العثماني انتشرت الطريقة الدرقاوية في غرب الجزائر. وهي تنسب إلى الشيخ محمد العربي الدرقاوي (¬1). ويبدو أن عددا من علماء الجزائر قد انجذبوا نحو هذه الطريقة وأصبحوا من مريديها في ذلك العهد (1220) ولما كانت الدرقاوية قد انتشرت في الوقت الذي تفاقم فيه الضعف السياسي للحكم العثماني في الجزائر فإن رد فعل هذا الحكم ضدها كان عنيفا. ثم ان الدرقاوية نفسها لم تدخر وسعا في إضعاف العثمانيين. فقد هاجمتهم في عقر دارهم وعلى جبهتين هامتين: إقليم قسنطينة وإقليم وهران. وكادت تهز النظام بكامله كما عرفنا (¬2).
أما تعاليم الدرقاوية فهي متفرعة عن الشاذلية. وكانت لأتباعها سبح وخرق وأوراد وحلقات ذكر وطرق للاجتماع والانتخاب ونحو ذلك. وقد حاول الدرقاويون أن يعلموا الناس طرق العودة إلى الإسلام الأول فتقشفوا ومنعوا اللباس الفاخر والتزين، ولم يحلقوا الشعر، بل لبسوا الرث من الثياب وابتعدوا عن أمور الدنيا. وكانوا يجتمعون في المناطق النائية والصعبة.
¬__________
= مناقب .. علي بن .. أحمد) تأليف محمد بن محمد المكناسي، وهما الكتابان اللذان اعتمدهما مارسيل بودان في دراسته عن الطريقة الطيبية والتي اعتمدنا نحن عليها. انظر (نشرة جمعية وهران) مارس 1931. انظر أيضا مارسل ايمريت (مجلة التاريخ الحديث والمعاصر) 1954، 211. سندرس علاقة الطريقة الطيبية بالاحتلال الفرنسي في الأجزاء اللاحقة من الكتاب.
(¬1) بالإضافة إلى ما ذكرناه آنفا عن الدرقاويين انظر محمد بن أحمد المعسكري المعروف يأبي زيان في كتاب (كنز الأسرار في مناقب مولانا العربي الدرقاوي وبعض أصحابه الأخيار) وهو يعرف أحيانا باسم (طبقات العربي الدرقاوي وتلاميذه). الخزانة العامة بالرباط، رقم 2339. وقد خص بوراس الناصر هذه الطريقة بتأليف عن حروبها ضد العثمانيين في إقليم وهران سماه (درء الشقاوة في حروب درقاوة). انظر أيضا أبا حامد المشرفي (الحسام المشرفي). الخزانة العامة بالرباط، رقم ك 2276. وقد توفي الدرقاوي سنة 1223 هـ.
(¬2) انظر الفصل الثاني من هذا الجزء.

الصفحة 517