الذي عرف بالزهد وعلوم الدين، ومع ذلك فإن آثار هؤلاء التاريخية ما تزال تحتفظ بقيمتها، كما سنرى.
ورغم قرب العهد بابن خلدون وملاحظاته النافذة على المجتمع السياسي والاقتصادي لعصره فإن مدرسته لم تجد صدى بين كتاب التاريخ في جيل القرن التاسع. حقا إن محمد بن الأزرق قد تأثر به كثيرا في كتابه (بدائع السلك) ونقل عنه الفقرات الطويلة، ولكننا لا ندري ما إذا كان ابن الأزرق الأندلسي الموطن، قد أثر هو في جيله أثناء إقامته بتلمسان. فنحن لا نجد آراءه ولا آراء أستاذه ابن خلدون قد تسربت إلى كتاب التنسي وأمثاله من مؤرخي القرن التاسع (¬1).
1 - ولكن الذي يلفت النظر هو أن الجزائر لم تلد مؤرخا كبيرا كابن خلدون الذي طرح في القرن الثامن أبرز النظريات في العلوم الاجتماعية التي عرفها المسلمون. وبينما كان ابن خلدون يكتب مقدمته المشهورة كان أخوه يحيى يكتب (بغية الرواد) (¬2) الذي خصصه لتاريخ وآثار دولة بني عبد الواد. وكان أحد الجزائريين المجهولين يكتب تاريخا سماه (زهر البستان) (¬3).
¬__________
(¬1) عن ابن الأزرق انظر مقالتي (رحلتي إلى المغرب) الثقافة، 1973، عدد 18 وأحمد المقري (أزهار الرياض) و (دوحة الناشر) لابن عسكر 213 (الترجمة الفرنسية). و (بدائع السلك) تحقيق محمد بن عبد الكريم، 1977.
(¬2) ليس من غرضنا هنا التعريف بهذه الكتب لأنها خارج العصر الذي اخترناه لكتابنا. وقد نشر (بغية الرواد) ألفريد بيل سنة 1904. وبلغني أن عبد الحميد حاجيات يقوم بتحقيقه.
(¬3) أثناء جمعي لمواد هذا الكتاب عثرت في (فهرس مخطوطات مكتبة ريلاندر) ببريطانيا على اسم هذا الكتاب الذي نسبه المفهرس إلى حبيب بن يخلف وجعل تاريخه حوالي 796 هـ ووضعه تحت رقم 283 ولما كنت أعرف اهتمام زميلي عبد الحميد حاجيات بتاريخ تلمسان ومتيقنا أن هذا الكتاب يقع خارج خطتي أشرت به إليه فسر بذلك واستجلبه من بريطانيا عن طريق مكتبة الجامعة. وقد بلغني أنه يعمل الآن على تحقيق الجزء الموجود منه وهو الثاني. انظر أيضا محمود بوعياد الثقافة عدد 13، 1973.