كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 1)

كَذَا: إذَا جَرَحَ شَخْصٌ آخَرَ، ثُمَّ شُفِيَ الْمَجْرُوحُ مِنْ جُرْحِهِ تَمَامًا وَعَاشَ مُدَّةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ فَادَّعَى وَرَثَتُهُ بِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ وَالِدُهُمْ مَاتَ بِتَأْثِيرِ الْجُرْحِ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ.

[ (الْمَادَّةُ 75) الثَّابِتُ بِالْبُرْهَانِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ]
(الْمَادَّةُ 75) الثَّابِتُ بِالْبُرْهَانِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ يَعْنِي إذَا ثَبَتَ شَيْءٌ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَثَلًا كَانَ حُكْمُهُ كَالْمُشَاهَدَةِ بِالْعِيَانِ.
الْبُرْهَانُ - هُوَ الدَّلِيلُ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَيُمَيِّزُ الصَّحِيحَ مِنْ الْفَاسِدِ. يَسْتَعْمِلُ الْفُقَهَاءُ كَلِمَةَ (بَرْهَنَ عَلَيْهِ) بِمَعْنَى أَقَامَ شُهُودًا، وَالشَّهَادَةُ الَّتِي يَقْصِدُهَا الْفُقَهَاءُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ هِيَ الشَّهَادَةُ الْعَادِلَةُ. ذَلِكَ غَيْرُ مَا يُرِيدُهُ الْأُصُولِيُّونَ بِهَا.
الْعِيَانُ - رُؤْيَةُ الشَّيْءِ بِصُورَةٍ وَاضِحَةٍ لَا يَبْقَى مَعَهَا مَجَالٌ لِلِاشْتِبَاهِ. يُقَالُ: فُلَانٌ عَايَنَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ يُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ نَظَرَهُ بِعَيْنِهِ. مِثَالٌ: إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ مَا فَكَمَا أَنَّ إقْرَارَهُ - فِيمَا لَوْ أَقَرَّ - يُتَّخَذُ حُجَّةً وَمَدَارًا لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ تُتَّخَذُ الشَّهَادَةُ مَدَارًا لِلْحُكْمِ أَيْضًا، فِيمَا لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ بِالشَّهَادَةِ الْعَادِلَةِ.

[ (الْمَادَّةُ 76) الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ]
(الْمَادَّةُ 76) :
الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ.
هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقَائِلِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَيُؤَيِّدُهَا الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُدَّعِي مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ فَهُوَ ضَعِيفٌ يَحْتَاجُ لِبَيِّنَةٍ تَدْعَمُهُ، وَكَلَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمَّا كَانَ مُوَافِقًا لِلظَّاهِرِ فَهُوَ لَا يَحْتَاجُ لِتَقْوِيَةِ مَا سِوَى الْيَمِينِ.
الْبَيِّنَةُ - هِيَ الشَّهَادَةُ الْعَادِلَةُ الَّتِي تُؤَيِّدُ صِدْقَ دَعْوَى الْمُدَّعِي. وَبِمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ تُقَيِّدُ بَيَانًا سُمِّيَتْ بَيِّنَةً وَسُمِّيَتْ حُجَّةً؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ يَتَغَلَّبُ بِهَا عَلَى خَصْمِهِ.
الدَّعْوَى - هِيَ طَلَبُ أَحَدٍ حَقَّهُ مِنْ آخَرَ فِي حُضُورِ الْمُحَاكِمِ، وَيُقَالُ لِلطَّالِبِ الْمُدَّعِي وَلِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَادَّةُ 1613) الْمُدَّعَى - هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، وَيُقَالُ لَهُ الْمُدَّعَى بِهِ أَيْضًا (مَادَّةُ 1614) .
الْيَمِينُ - هُوَ تَأْيِيدُ الْحَالِفِ لِخَبَرِهِ بِالْقَسَمِ بِاسْمِ اللَّهِ.
هَذَا وَيُعْلَمُ بَعْضُ أَحْكَامِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ عَقْلًا وَبَعْضُهَا شَرْعًا وَإِلَيْكَ الْبَيَانُ: مِنْ الْمَعْلُومِ عَقْلًا أَنَّ كُلَّ خَبَرٍ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ فَالِادِّعَاءُ الْمُجَرَّدُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ خَبَرًا فَمَا لَمْ يُدْعَمُ بِبُنَيَّةٍ، فَلَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ. وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ هُوَ أَنَّهُ مَتَى مَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي اسْتِحْقَاقَهُ بِالْمُدَّعَى بِهِ اسْتَحَقَّهُ.

الصفحة 74