كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 1)
.................................................................................................
ـــــــ
وما ذكره ابن الإمام عن ابن شعبان والقول بالكراهة نقله ابن الفرس عن مالك واقتصر جماعة من أهل المذهب عليه كما تقدم وينبغي أن يقيد بما قال ابن الإمام ونقله عن ابن العربي من كونه في أواني الصفر في البلاد الحارة وجوز ابن الفرات أن يكون التشبيه في قول المصنف كمشمس راجعا إلى ما قبله من المكروهات.
قلت: وكلامه في التوضيح يدل على خلافه.
تنبيهات: الأول: قال ابن الإمام عن ابن العربي إنه إن توضأ به أجزأه قال لأن النهي عنه لم يتعلق به لأمر يرجع إلى رفعه الحدث بل لمنفصل عنه قال ويتعين وجوب استعماله عند عدم غيره لأن مصلحة الواجب أولى من دفع المفسدة المكروهة انتهى.
الثاني : قال ابن فرحون: إذا قلنا بالكراهة فالظاهر إنها كراهة إرشاد من جهة الطب وليست كراهة شرعية والفرق بينهما أن الكراهة الشرعية يثاب تاركها انتهى.
قلت: في هذا الكلام نظر لأنه حيث نهى الشرع عن شيء أثيب على تركه كمن ترك أكل السم امتثالا لنهي الشرع عن التسبب في قتل النفس وهو ظاهر وكلام ابن الإمام السابق فيه إشارة إلى ذلك وذكر النووي عن بعض الشافعية نحو ما قال ابن فرحون: وقال هذا خلاف المشهور.
الثالث : قال ابن فرحون: وانظر هل تزول الكراهة بتبريده أولا أو يرجع في ذلك للأطباء أما إن قيل إن العلة تحلل أجزاء من الإناء فلا تزول الكراهة بتبريده انتهى. قلت: وعند الشافعية في ذلك خلاف.
الرابع : الظاهر أنه إنما يكره استعمال المشمس في الوضوء والغسل وسواء كان من حدث أو تبرد أو مندوب إليه وفي غسل النجاسة به من البدن وأما غسل النجاسة به من غير البدن فلا كراهة في ذلك إذا لم يباشر ذلك بشيء من بدنه وصرح بذلك الشافعية نعم ينبغي أن يكره شربه وأكل طعام طبخ فيه إن قال الأطباء إنه يضر وقد نص الشافعية على ذلك.
الخامس : أما المشمس في البرك والأنهار فمتفق على عدم كراهته قاله النووي في شرح المهذب قال لعدم إمكان الصيانة وتأثير المشمس انتهى.
قلت: و لم أقف على ما يخالفه وقوله وتأثير المشمس أي ولعدم تأثير الشمس.
السادس : المسخن بالنار لا كراهة فيه كما صرح بذلك ابن الحاجب وغيره لكن قيد ذلك ابن الكروي بأن لا يكون شديد التسخين فإن كان شديد التسخين كره ومثله شديد البرودة قال لا ينافي الخشوع وقال غيره لأنه يمنع الإسباغ وتقدم في كلام سند أن المسخن يستعمل وإن ظهر فيه طعم القدر
الصفحة 111
557