كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 1)

.................................................................................................
ـــــــ
"ندب نزح" يعني به أن النزح مع القيود المذكورة مستحب وهذا هو المشهور وقيل يجب النزح وقيل يجب فيما لا مادة له وقيل يجب في القليل دون الكثير حكى هذه الأقوال أبو الحسن الصغير.
تنبيه : وعلى المشهور فهو مكروه مع وجود غيره على المشهور قاله سند وغيره فيعيد من صلى في الوقت ويستحب غسل الثياب التي أصابها إذا لم تكن مما يفسدها الغسل قاله في رسم شك من سماع ابن القاسم وفي المدونة قال علي عن مالك من توضأ بماء وقعت فيه ميتة فتغير لونه أو طعمه وصلى أعاد أبدا فإن لم يتغير أعاد في الوقت وقال في رسم الوضوء والجهاد من سماع أشهب ويطرح ما عجن به أو حل فيه على سبيل التوقي للمتشابه انتهى. وعلل القول بالوجوب فيعيد من صلى به أبدا ويحرم أكل ما عجن به أو طبخ واقتصار الشارح في الكبير على هذا يوهم أنه الجاري على المشهور وليس كذلك والله أعلم.
والحكمة في النزح أن الله أجرى العادة أن الحيوان عند خروج روحه تفتح مسامه وتسيل رطوباته ويفتح فاه طلبا للنجاة فيدخل الماء ويخرج برطوبات وذلك مما تعافه النفوس فأمر بالنزح لذلك ولهذا قال بعضهم إذا نزح ينقص الدلو شيئا يسيرا لأنه إذا ملئ تطفو الدهنية وترجع إلى الماء فلا يكون للنزح معنى.
فرع : يكفي النزح قبل إخراج الميتة كما ذكر البرزلي عن أبي حفص العطار في بئر بجوار أفران استقوا منها كثيرا لعجنهم ثم استقى شخص آخر وعجن ثم طلع له فأرميتة فقال لا شيء على هذا الأخير لأن الذين قبله قد نزحوه وطيبوه وقوله بقدرهما يعني أن الماء الذي ينزح ليس له حد محدود عند مالك بل يختلف ذلك بقدر الماء والميتة ولذلك ثني الضمير وكذلك أيضا يختلف النزح باختلاف طول إقامة الحيوان في الماء وقلة ذلك وكان ينبغي للمصنف أن ينبه على ذلك قال ابن الإمام في شرح ابن الحاجب وليس لمقدار ما ينزح حد لاختلافه باختلاف ما مات من صغير وطول إقامة وقلة الماء ومقابلها وكذلك لم يحده مالك ولا أحد من أصحابه غير أنه كما قال القاضي كلما كثر النزح كان أحب إليهم وأولى وأبلغ وأحوط قال ابن بشير: وما وقع في بعض الروايات من تحديد المراق بأربعين لا أصل له وإنما ذلك لئلا يكثر العامي الموسوس أو يقلل المتساهل ولهذا روي عن ابن الماجشون أنه استفتاه قوم في مثل هذا فقال انزعوا منها أربعين خمسين ستين دلوا ثم قال إنما قلت: لهم ليعملوا أنه أقل ما يجزيهم والأكثر أحب إلي ولو قلت: لهم خمسين لأبطلت تسعة وأربعين وهي مثلها ومنعتهم عن ستين وهي أبلغ وقوله لا إن وقع ميتا أي

الصفحة 117