كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 1)
....................................................................................................
ـــــــ
تنبيه : الطهور منها يحبط الخطايا يريد الوضوء خاصة إذا كانت أعضاء الوضوء طاهرة وأما الاستنجاء به فقد شدد في الكراهة فيه وجاء أنه يحدث البواسير وكذا غسل النجاسات التي على البدن أو غيره قال ابن شعبان من أصحابنا: ولا يغسل به نجس انتهى. وقوله يريد الوضوء خاصة يعني أو الغسل إذا كان طاهر الأعضاء وسلم من المرور في المسجد وهو جنب وإنما خص الوضوء بالذكر لأنه هو الذي يتصور غالبا قال القاضي تقي الدين الفاسي في تاريخه يصح التطهر به بالإجماع على ما ذكره الروياني في البحر والماوردي في الحاوي والنووي في شرح المهذب وينبغي توقي النجاسة به خصوصا في الاستنجاء فقد قيل إنه يورث الباسور وجزم المحب الطبري بتحريم إزالة النجاسة به وإن حصل التطهير به إذا علم هذا فقول ابن شعبان لا يغسل به ميت ولا نجاسة إن حمل على المنع من ذلك أو على أنه لا يزيل النجاسة فهو خلاف قول مالك وأصحابه وإن حمل على الكراهة فالظاهر أنه موافق للمذهب وقد نقله صاحب الطراز بلفظ الكراهة فقال وكره ابن شعبان من أصحابنا أن تغسل به نجاسة أو يغسل به ميت ونحوه في الذخيرة ولا يقال إن ذلك يدل على أن المذهب عدم كراهة غسل النجاسة به لعزوهم ذلك لابن شعبان لأنا نقول إن الذي عزوه لابن شعبان فقط هو عدم غسل الميت به كما يفهم ذلك من كلام اللخمي والله أعلم. والذي يفهم من كلام الشيخ ابن أبي زيد أنه حمله على المنع وكذلك ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح فإنهما فسرا القولين المتقدمين في كلام ابن الحاجب بكلام ابن شعبان وكلام الشيخ ابن أبي زيد قال ابن عبد السلام: القول بالمنع في كتاب ابن شعبان وأنكره الشيخ أبو محمد ورأى أنه مخالف لقول مالك وأصحابه ولا شك أنه ماء مبارك ومع ذلك فلا يمنع أن يصرف فيما تصرف فيه أنواع المياه إذ من المعلوم أن هاجر لم تكن تستعمل هي وابنها إسماعيل صلوات الله وسلامه عليه ومن نزل عليهما من العرب في كل ما يحتاجون إليه سواه حين لم يكن بمكة غيره وجعل قول ابن الحاجب إلا أن يكون فيه نجاسة عائدا إلى المسألة التي قبل مسألة غسله بماء زمزم ونقله في التوضيح عن ابن عبد السلام وعن شيخه أيضا قال وكأنهما فرا من إعادته على ماء زمزم لأنه لو أعيد عليه لفهم أنه يتفق على المنع منه وليس كذلك إذ ظاهر المذهب الجواز انتهى.
قلت: وهذا إنما يشكل إذا حمل كلام ابن شعبان على المنع أما إذا حمل كلام ابن شعبان على الكراهة وفسر القولان في كلام ابن الحاجب به وبما ذكره اللخمي فلا إشكال في ذلك وقد ذكر ابن فرحون عن ابن رشد أنه فسر كلام ابن الحاجب بذلك ونحوه للبساطي في المغني قال في كتاب الجنائز واختلف هل يكره تغسيله بماء زمزم إذا لم يكن على الميت نجاسة وهو منصوص ابن شعبان أولا وشهره خليل في مختصره على قولين تنبيه: ظاهر كلام ابن شعبان أنه لا يجوز قال ابن أبي زيد وهو خلاف قول مالك وأصحابه وقال اللخمي هو مبني على أصله أن الميت نجس
الصفحة 66
557