كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 1)

وهل يجوز استعماله في اليابسات بعد الدبغ؟ على روايتين.
ـــــــ
أصحها ورواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن عبد الله
وفي رواية الطبراني والدار قطني "كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" وهو دال على سبق الرخصة وأنه متأخر وإنما يؤخذ بالآخر من أمره عليه السلام لا يقال هو مرسل لكونه من كتاب لا يعرف حامله لأن كتابه عليه السلام كلفظه ولهذا كان يبعث كتبه إلى النواحي بتبليغ الأحكام
فإن قلت: الإهاب اسم للجلد قبل الدبغ وقاله النضر بن شميل وأجيب بمنع ذلك كما قاله طائفة من أهل اللغة يؤيده أنه لم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الانتفاع به قبل الدبغ ولا هو من عادة الناس
"وهل يجوز استعماله في اليابسات" احترز به عن المائعات فإن كثيرا من الأصحاب منعوا من ذلك وذكروه رواية واحدة
قال ابن عقيل: ولو لم ينجس الماء بأن كانت تسع قلتين لأنها نجسة العين وجوزه الشيخ تقي الدين إذا لم ينجس الماء "بعد الدبغ على روايتين" كذا في ابن تميم وفي المغني و الشرح وخصاه بجلد طاهر حال الحياة وبعضهم حكاهما قبله وإن كان جلد كلب أو خنزير لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تنتفعوا من الميتة بشي" رواه الدارقطني بإسناد جيد
والثانية : يجوز وهي الأصح لما روى ابن عباس قال تصدق على مولاة لميمونة بشاة فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هلا استمتعتم بإهابها فدبغتموه فانتفعتم به" رواه مسلم ولأن الصحابة لما فتحوا فارس انتفعوا بسروجهم وأسلحتهم وذبائحهم ميتة ونجاسته لا تمنع الانتفاع به كالاصطياد بالكلب وإذا جاز استعماله جاز دبغه وإلا احتمل التحريم واحتمل الإباحة كغسل تجاسة بمائع وماء مستعمل وإن لم يطهر قاله القاضي وكلام غيره

الصفحة 43