كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 1)

والنية شرط لطهارة الحدث كلها
ـــــــ
وسخ في الأصح وإن كان للاشتغال بتحصيل الماء فروايتان ويضر إسراف وإزالة الوسخ لغير الطهارة وزيادة على الثلاث لأنه ليس من الطهارة شرعا ولا تسقط هي وترتيب سهوا كبقية الفروض
"والنية" لغة القصد يقال نواك الله بخير أي قصدك به ومحلها القلب فلابد أن يقصد بقلبه وأن يخلصها لله تعالى لأنه عمل القلب والنص دل على الثواب في كل وضوء ولا ثواب في غير منوي بالإجماع
"شرط" وهو لغة العلامة ومنه قوله تعالى {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [القتال: 18] واصطلاحا ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم "لطهارة الحدث كلها" بغير خلاف نعلمه لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: من الآية5] البينة والإخلاص محض النية وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات" وأكده بقوله: "وإنما لكل امرئ ما نوى" وقوله: "لا عمل إلا بنية" ولأن الوضوء عبادة لقوله عليه السلام: "الطهور شطر الإيمان" رواه مسلم وأخبر أن الخطايا تخرج بالوضوء وكل عبادة لابد لها من نية فالعبادة ما أمر به شرعا من غير اضطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي قيل لأبي البقاء الإسلام والنية عبادتان ولا يفتقران إلى النية فقال الإسلام ليس بعبادة لصدوره من الكافر وليس من أهلها سلمنا لكن صح للضرورة لأنه لا يصدر إلا من كافر وأما النية فلقطع التسلسل ولأنها طهارة حكمية فافتقرت إلى النية كالكفارة بخلاف طهارة الخبث فإنها نقل عين أشبه رد الوديعة ولأن طهارة الحدث بابها الفعل اشبهت الصلاة وطهارة النجاسة بابها الترك أشبهت ترك الزنا وذكر بعض أصحابنا عن طوائف من العلماء أنه ليس من شرط العبادة النية بدليل الستارة واستقبال القبلة وهما شرطان للعبادة وأجيب بأنهما يوجدان في جميع الصلاة كوجودهما قبلها فنية الصلاة متضمنة لهما بخلاف طهارة الحدث ولهذا لو حلف لا يتطهر وهو متطهر لم يحنث بالاستدامة ولو حلف لا يستتر ولا يستقبل حنث باستدامتهما وظاهره أنها

الصفحة 83