كتاب تلخيص الحبير - ت: اليماني (اسم الجزء: 1)

الحسن عن أبي هريرة لكنه لم يسمع منه على الأصح وفي الباب عن عبد الله بن مغفل رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث مطرف بن عبد الله عنه قال أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقتل الكلاب ثم قال ما بالهم وبال الكلاب ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم وقال إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبعا وعفروه الثامنة بالتراب لفظ مسلم ولم يخرجه البخاري وعكس بن الجوزي ذلك في كتاب التحقيق فوهم قال بن عبد البر لا أعلم أحدا أفتى بأن غسلة التراب غير الغسلات السبع بالماء غير الحسن البصري انتهى وقد أفتى بذلك أحمد بن حنبل وغيره وروى أيضا عن مالك وأجاب عنه أصحابنا بأجوبة أحدها قال البيهقي بأن أبا هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره فروايته أولى وهذا الجواب متعقب لأن حديث عبد الله بن مغفل صحيح قال بن مندة إسناده مجمع على صحته وهي زيادة ثقة فيتعين المصين إليها وقد ألزم الطحاوي الشافعية بذلك ثانيها قال الشافعي هذا الحديث لم أقف على صحته وهذا العذر لا ينفع أصحاب الشافعي الذين وقفوا على صحة الحديث لا سيما مع وصيته ثالثها يحتمل أن يكون جعلها ثامنة لأن التراب جنس غير جنس الماء فجعل اجتماعهما في المرة الواحدة معدودا باثنين وهذا جواب الماوردي وغيره رابعها أن يكون محمولا على من نسي استعمال التراب فيكون التقدير اغسلوا سبع مرات إحداهن بالتراب كما في رواية أبي هريرة فإن لم تعفروه في إحداهن فعفروه الثامنة ويغتفر مثل هذا الجمع بين اختلاف الروايات وهو أولى من إلغاء بعضها والله أعلم
فائدة قال القرافي سمعت قاضي القضاة صدر الدين الحنفي يقول إن الشافعية تركوا أصلهم في حمل المطلق على المقيد في هذا الحديث فقلت له هذا لا يلزمهم لقاعدة أخرى وذلك أن المطلق إذا دار بين مقيدين متضادين وتعذر الجمع فإن اقتضى القياس تقييده بأحدهما قيد وإلا سقط اعتبارهما معا وبقي المطلق على إطلاقه انتهى وهذا الذي قاله القرافي صحيح ولكنه لا يتوجه ههنا بل يمكن هنا حمل المطلق على المقيد وذلك أن الرواية المطلقة فيها إحداهن والمقيدة في بعضها أولاهن وفي بعضها أخراهن وفي بعض الروايات أولاهن أو أخراهن فإن حملنا أو هنا على التخيير استقام أن يحمل المطلق على المقيد ويتعين التراب في أولاهن أو أخراهن لا في ما بين ذلك وإن حملنا أو هنا على الشك امتنع ذلك لكن الأصل عدم الشك وقد وقع في الأم للشافعي وفي البويطي ما يعطي أنها على التعيين فيهما ولفظه في

الصفحة 24