كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ (اسم الجزء: 1)

اختصار التمهيد المذكورِ، ولصاحبِنا أبي عمر بن عبد البر المذكورِ كتبٌ لا مَثيلَ لَها -مَّ ذَكَرَ بعضَ كتبه-، ثم قال: ومنها كتابُ شيخِنا القاضي أبي الوليد عبد الله بنِ يوسف بنِ الفرضي في المختلِف والمؤتلِف في أسماءِ الرجال، ولَم يَبْلُغْ عبد الغنِيُّ الحافظُ المصريُّ في ذلك إلَّا كتابين، وبَلَغَ أبو الوليد رحمه الله نَحوَ الثلاثين لا أعلم مثلَه في فنِّه أَلْبَتَّهَّ، ومنها تاريخُ أحمد بنِ سعيد ما وَضَعَ في الرِّجالِ أَحَدٌ مثلَه إلَّا ما بَلَغَنَا من تاريخ محمد بن موسى العقيلي البغدادي ولَمْ أَرَه .. - ثم ذكر كتبًا أخرى في الحديثِ والفقهِ واللّغة والتفسيرِ والشعر وغيرِ ذلك من العلومِ إلى أن قال-: وبَلَدنا على بعده مِن ينبوع العِلمِ ونَأيِه مِن مَحَلَّةِ العُلماءِ فقد ذَكَرْنا من تآليفِ أهلِه ما إن طُلبَ مثلُها بفارسَ والأهوازِ وديارِ مُضَرٍ وديارِ رَبيعةَ واليَمَنِ والشامِ أعْوِزَ وجودُ ذلك، على قُربِ المسافَةِ فِي هذه البلادِ مِن العراقِ التي هِي دارُ هجرةِ الفَهْمِ وذَوِيهِ، ومرادِ المعارفِ وأربابِها، ونحن إذا ذكرنَا أبا الأجْرَب جَعُونَة بنِ الصِّمة الكلابي في الشِّعر لَم نُباه به إلَّا جريرًا والفِرَزدَق؛ لكونِه في عصرهما، ولو أُنصف لاستثهد بشعره، فهو جار على مذهب الأوائل، لا على طريقة المحدَثين (١)، وإذا سَمَّينا بقيَّ بنَ مَخلد لَم نسابِق به إلَّا محمدَ بنَ إسماعيل البخاريِّ ومسلمَ بنَ الحجاج القشيريِّ وسليمانَ بنَ الأشعث السجستاني وأحمدَ بنَ شعيبٍ النسائي ... "، ثم ذكر رحمه الله بعض رجالَ الأندلسِ موازِنًا بينَ نُظرَائِهم بالشَّرقِ .. إلى آخر كلامه رحمه الله (٢).
---------------
(١) ترجم له الحميدي في جذوة المقتبس (ص: ١٧٧) وقال: "من قدماء شعراء الأندلس"، ثم أورد كلام ابن حزم الماضي فيه.
(٢) انظر: نفح الطيب (٣/ ١٦٧ - ١٧٩).

الصفحة 10