كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ (اسم الجزء: 1)
- وذكر أيضًا حديث ابن عمر: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ في بعض مغازِيه ... "، وفيه: فسألتُ ماذا قال؟ فقيل لي: "نَهَى أن يُنبَذَ في الدُّبَّاءَ أو في المُزَفَّت"، ثم قال. "لم يَذكر ابنُ عمر مَن أَخبَرَه، فهو داخلٌ في مسنَدِه، وليس بمعدودٍ في المرسَلِ اصطلاحًا؛ لأنَّ أخبارَ الصحابةِ رضي الله عنهم مُتَلَقَّاةٌ بالقَبولِ لعدالَتِهم، وفائدةُ الإسنادِ معرفةُ العدالَةِ" (١).
• حكم القراءة التي قرأ بها الصحابة الرفع وإن لم تثبت في المصحف.
وصرّح بذلك المصنف في عدّة مواضع، وأدرج تلك القراءات في حكم المرفوع فأوردها في كتابه هذا، وعلّل ذلك بأنّها مأخوذة من النبي - صلى الله عليه وسلم - وطريقها النقل، والصحابة رضي الله عنهم شهدوا التنزيل.
- فمن ذلك قوله بعد أن ذكر قراءة أُبَيّ بن كعب: "ثلاثة أيَّامٍ متتابعات"، قال: "وهذا الحديث معناه الرفع؛ لأنَّ القراءة مأخوذةٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطريقُها النَّقل، لا مدخلَ للمقاييس فيها، فما قرأ به الصحابةُ حُمل على الرَّفع إنْ لم يُصَرِّحوا برفعه؛ إذ لا يُظنُّ بأحدٍ منهم أنَّه قَرَأَ. مما لم يُقْرَأ، هم المُقَدَّسون عن ذلك، وبِمِثل هذا تُلُقِّيَت سائرُ القراءات ... ومِن حُكم هذه القراءة وما كان مثلها، ما لم يَثْبُتْ في المُصحفِ، ولا أُجْمِعَ عليه أَنْ تُحْكَى وتُروى، ولا يُقرأ بها في صلاةٍ، ولا فيما يُتلَى من القرآنِ، إذا لم تَنْقُلها الكافةُ نَقْلَ تواترٍ، وإنَّما تُقرأ كذلك ما ثَبَتَ في المصاحفِ وما نُقِلَ تواترًا؛ لأنَّ نَقْلَ التواتر يُوجبُ العلمَ ضرورةً وقطعًا، وليس عندنا من القرآن الثابِتِ غيرِ المنسُوخِ إَلَّا ما عُلِمَ ضرورةً أنَّه مِن
---------------
(١) انظر: (٢/ ٤٣٣).