كتاب الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ (اسم الجزء: 1)

وكان لاختلاف عناصر المجتمع الأندلسي وتعدُّد طوائفه مِن عرَب وبرْبَرٍ وصقالبة أثره في اختلاف أجناس القيادات السياسية بين الممالك، فكان في القيادة أربعُ فئات: العربُ، والبربرُ، والفتيانُ العامريون، وموالي الأمويين.
وكان على مدينة دانية في أوَّل هذه الفتنة الفتيانُ العامريون بزعامة مجاهد العامري، خرج إلى دانية وضبطها وجميع أعمالها وتَسمَّى بالموفّق بالله، وأخذ كذلك الجزائر الثلاث (ميورقة ومنورقة ويابسة)، وغزا غيرها من بلاد الروم كسردانية.
وكان من أهل العفاف والخير وامتاز على ملوك الطوائف بالأنباء البديعة كالعلم والمعرفة والأدب والشجاعة وحُسن السياسة، فكانت مملكتُه أبعدَ مملكةٍ مِن الحروب الأهلية القائمة بين دول الطوائف، وذلك لموقعها المنعزل الحصين، وكانت رياستُه تمتدُّ عبر البحر، فغلبت على المدينة صفتُها البحرية على الصفة البرية، وكان لمجاهد أعظمُ أسطولٍ بحريٍّ في الأندلس (١).
وقصده العلماء والفقهاء من الشرق والغرب وألّفوا له التواليف المفيدة في سائر العلوم، وكان محبًّا لعلوم القرآن حتى صار أهل دانية أقرأَ أهلِ الأندلس (٢).
ثمَّ ولي مِن بعده ابنُه بعد وفاة أبيه سنة (٤٣٦ هـ) عليُّ بن مجاهد إقبال الدولة، وكان على سيرة أبيه، صيِّنًا عفيفًا مؤثرًا للعلوم الشرعية (٣).
---------------
(١) انظر: البيان المغرب (٢/ ١٥٦)، ودول الطوائف (ص: ١٨٨ - ١٩٠).
(٢) انظر: البيان المغرب (٢/ ١٥٦)، معجم البلدان (٢/ ٤٣٤).
(٣) المعجب في تلخيص أخبار المغرب (ص: ١٢٧).

الصفحة 32